النقد بين قوسين !!

هشام المنياوي | ناقد مصري 
( القوسنة ) ضرب من النقد الانطباعي الأولي ( ضمن مشروعي النقدي الكبير ) يقتنص الوقع الأول للنص على المتلقي وهو اسم منحوت من ( بين قوسين ) حيث يوضع النقد مختزلا بين قوسين، يترصد وقع الأصوات والمفردات والتراكيب على المتلقي مبررا لهذا الصدى .. وهو منهج على اقتضابه شديد التكثيف يضع المتلقي في بؤرة الحدث على حين صنع الكاتب من نفسه الحدث !! بقلم هشام المنياوي
قصة اللعنة بقلم هبة بنداري
حين تخضبت كفاي باللون الأحمر لم أكن أدري أهي دماؤه أم حنة عرسي ( البدء بالدماء يعظم الظن أنها دماء لا حنة عرسك) تكاثرت السحب وتجمعت بعيناي ومن ثم أمطرت وابلا من النيران ( الدموع التي كالنيران الحارقة لاتكون دموع فرح أبدا إنما هي دموع ألم وفقد وندم ) تحرقني بعد أن ثار بركان قلبي وصمتت الصرخات عندما تقطعت أحبال روحي ( ما أنكأ الجرح عندما تتقطع أحبال روحك بفقد من كان الروح لك هي صورة ضمنية لمكانة المحبوب المقتول منك ) .. رفعت يداي أنظر لذلك اللون الأحمر محاولة فك شفرة النقوش عليهما .. أين القلوب التي خطت ” أم السعد”( ولماذا هي أم السعد من دون كل الأسماء؟!! لا يمكن تمرير الاسم دون التوقف أمام سيمولوجياه، هل كان السعد وقفا على وصالكما ؟!!) حروف اسمه بها والتي قضت فيها ساعات طويلة .. وكلما نقشت حرفه على كفي دقت طبول الفرح بقلبي ( شعرنا وكأن السعد جفاك حين تخضبت كفاك بالدماء) موصول ذلك القلب به ومحفور اسمه فوق جدران روحي من هذا الذي يمكنه أن يفرقنا ؟! لا الزمن ولا الحساد ولا الظروف والبعاد والهجر ولا حتى تلك اللعنة!!( ترجمت القصة هذا الإصرار الشديد على عدم الفراق حين لحق المحب بحبيبه الذي أصابته لعنة الفقد فانتصر عليها بمرافقته في الغياب موتا )
تفتحت عيناي على حبه .. لا أدري حتى متى أحببته ولا كيف ولا لماذا؟ ( هذا النوع من الحب لا يمر بنا سوى مرة واحدة في العمر ، وعند البعض يمر العمر في تلك المرة !!)
كل ما أعرفه أنه قدري وجنتي وناري وعشق حلمت به حتى باتت شراييني لا تحتمل شلاله الهادر بدمي.
هو حب لن يفهمه البشر لأن من أودعه بقلوبنا هو خالق البشر.
كلما نظرت إلى وجهه الحبيب رأيت جبينه مكتوب فوقه” اقترب يومه”( هنا تبدأ القصة فى منحى من الأسطورة فيحلق معها القارئ في سماءات الخيال واللا منطق ) أو كم بكيت ليالي طويلة وأنا أسمع كلمات تتردد ” حان موعده”.
ناشدته أن نهرب فأرض الله واسعة كان يبتسم برقته التي تفتت الصخر ويقول لي:
_ وهل يهرب الإنسان من قدره؟
شهد على حبنا وعهودنا أشجار الزيتون والليمون وأشواك التين
( ليت العدد تكثف في شجرة التين فقط فيتعاظم معها الرمز ، ويتنامى الوصل ) الذي كان يقشره لي .. كل شوكة كانت تغرس بأصابعه كانت تشق أخدودا بقلبي ولا أدري لماذا إصراره على تحمل الألم من أجلي ربما كان يريد أن يؤهلني حتى أصبر على الوجع حين تحل علينا اللعنة.( لو كان يؤهلك ما نزع الشوكة عنك ..حبيبك كان يعلمك ألا تحيي مع الألم وأنت استوعبتي الدرس فلم تبقي ثانية بعد رحيله )
شقت صرخة ذلك الصمت الرهيب وتبينت منها صوت أمي تقول بلوعة:
_ أحلام ………..( مرة أخرى تسكننا سيمولوجيا الاسم .. أحلام موؤودة على أعتاب واقع حجري
لم أفهم باقي كلماتها لكنني انتبهت إلى أن فستاني الأبيض
( البياض رمز البراءة والطهر والوضوح والبساطة .. الأبيض كما الأسود لونان مثقلان بالظلال الدلالية) قد تحول هو أيضا إلى اللون الأحمر القاني من أين لي بهذا اللون ؟! ( اللعنة قتلته وقتلتك ) زحف على جسدي دبيب يشبه وخز الأشواك تلك التي كانت تغرس بيده وأستشعرها بقلبي ( استرداد للصورة مدهش يفغر الأفواه ).. غطت أنحاء جسدي حتى أنني تهاويت على صدره ومن بين غيومي تراقصت صور الجموع في حلقة حولنا يصرخون .. تراهم يحتفلون بعرسنا أم ينعوننا؟!
(وهنا أيضا البدء بالعرس يعظم الظن أنه عرس لا نعي)
حلت اللعنة التي طالما حاولت الفرار منها كما حلت من قبل على الكثيرين من سكان بلدتنا.. لم أعد أقوى إلا على تحريك أناملي.. لمست بها وجهه الحبيب ( لمسة اختزلت كل الحنين ) لأخر مرة قبل سفرنا معا. ( عشتما معا ورحلتما معا،ما أرفق اللعنة بكما !!)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى