لمن أشكو وقد قل الصحاب؟
شعر: عبد الصمد الصغير
أَيا صَحْبي!.. وَقَدْ قَلَّ الصِّحابُ
لِمَنْ أَشْكُو الْجَفا ؟ لِمَنِ الْعِتابُ؟
***
كَأَنَّ الْأَرْضَ تَحْتَ الشَّمْسِ تَغْلي
وَهذا الْأُفْقُ لَيْسَ بِهِ سَحابُ
***
كَأَنَّ اللّيْلَةَ الظَّلْماءَ.. عُمْرٌ
وَلَيْسَ لَها مِنَ الصُّبْحِ اقْتِرابُ
***
أُكَلِّمُها وَحيداً.. دُونَ حُلْمي
كَراحِلَةٍ… يُراوِدُها الْإِيابُ
***
فُؤادي.. فارِغٌ مِنّي وَ مِنْكُمْ
وَ نَبْضُ دَمي يُساوِرُهُ ارْتِيابُ
***
فَصارَ مُرَوَّعَ النَّبَضاتِ قَلْبي
وَ دَمْعي، في مَآقيكُمْ يُذابُ
***
بِدَمْعِ الْعَيْنِ أَغسِلُ ما تَبَقّى
مِنَ الْكَلِماتِ، يَكْتُبُها الْخُضابُ
***
فَفي الْأَسْحارِ تَنْكَشِفُ اللَّيالي
وَ بالْأْنْوارِ، يَغْتْسِلُ الضَّبابُ
***
أَعادَتْني إِلى السّاحاتِ حَرْبٌ
بِلا نَصْرٍ، وَ لا فيها انْسِحابُ
***
وَ هَزَّتْني عَلى الْأَهْواءِ ريحٌ
إِلى حُلْمٍ، وَحَلَّقَ بي سَرابُ
***
فَباتَ الْعَزْمُ يَدْفَعُني لِحَتْفي
وَ مَوْعِدُهُ.. فِراقٌ فَاغْتِرابُ
***
وَدِدْنا.. لَوْ يُعَلِّمُنا زَمانٌ
بِأَنّا عِبْرَةٌ.. فينا الْكِتابُ
***
يُرينا كَيْفَ يَصْفو النّاسُ حُبَّاً
وَ كَيْفَ يُغادِرُ الْقَلْبَ اكْتِئابُ
***
وَكَيُفَ الرُّوحُ يَحْرُسُها نَقاءٌ
وَإِنْ هَرَبَتْ سَيُرْجِعُها اسْتِثابُ
***
فَما هِيَ، غَيْرُ عابِرةٍ لِأُُخْرى
وَ إِلّا هَبَّةٌ.. ثُمَّ انْسِحابُ
***
تَطيرُ كَغَيْمَةٍ، أَخْفَتْ نُجُوماً
لِأَطْمارِ التُّرابِ، بِها انْجِذابُ
***
تَهادَتْ رَجَّةٌ.. حتّى تَبَدَّتْ
مَلامِحُها إِذا انْكَشَفَ الْحِجابُ
***
فَعادَ الظَّنُّ.. مُنْدَفِعاً إِلَيْنا
وَ فيهِ النّاسُ شَكٌّ وَ ارْتِيابُ
***
وَقَفْتُ بِعِبْرَةٍ.. أَبْكي عَلَيْها
كَما الْوَجْدُ الْقَديمُ فَلا يُصابُ
***
وَسِرْتُ بِحَيْرَتي تُؤْوي سُؤالاً
لِمَنْ أَشْكُو؟ وَقَدْ قَلَّ الصِّحابُ