أشهد بالحب.. مشاكسة غجرية متمردة

حنان بدران | فلسطين

أنام على بركان الصفيح الساخن
لجج البحر تتمرد وتحاصرني
تتأجج اشعة القمر
الملم كل خيوط الضوء البكماء
لانشرها شاهدة
على شطآن حارة منسية
أفتتح بك الضوء
في مملكة الذاكرة لترفل أميرا
رعيته زرافات العشاق
أخرج لك كل القواقع التي تغلي
بحياة سرية داخل أصدافها
لم اكترث للشراسة المائية
ولا بهيجان البحار …!

|||

ماذا تريد أن تعرف عني
كم مرّة متّ معك؟!
اعدد لك سيرة ميتاتي ؟!
لامرأة دهرية مثلي
غجرية ، مجنونة ، ثائرة ، متمردة
امرأة وئدت على مر العصور
بيعت كجارية
رجمت ، جلدت
وأحرقت على يد الساحرات
وهاهي تغادر رمادها
لتكشف عنك الحجب
فيما تقول دون أن تقول
تقرأ خطوط فنجانك..
كف يدك
تقرأ الفضوى التي تدور برأسك
كعرافة تعلم بالغيب

|||
يكفيني أن تقول لنساء قبيلتك :
كيف شربت جغرافية مدينتك
وعرفت كل نسائها
سمائها
نسائمها وهواها
وأنا أدرك سؤالهم
عن تلك الغجرية الشرسة
التي قضمت من تفاحهم
وشربت من رأس نبعهم
أعلم كيف يستنطقونك
عن سر تعويذة
تلك الهيفاء لتعيد جلبك إليها
قل لهن :
هي من تمشى بين لحمي وعظمي
سورتني بهالتها واحطتها بجسدي
قل لهن :
حبي لها ضرب الأرض الصلبة والعطشى
قل لهن :
لم تطلب تأشيرة دخول
لأنها تتدفق كالسيل العارم بروحي
لم تكترث يوما للمنعطفات الخطرة
ولا لإشارات المرور الحمراء
وهي تتخطاها جميعا
لا تخشى أن تقول :
أن حبي لك مصاب بالزهايمر
كعاصغة هوجاء هزت أركان حصوني
قل لهن :
تلك امرأة لا تفهم لغة المال
ولا لغة الرقابة
ولا تحفظ جدول الضرب
ولا تجيد الرقص على الحبال
كالاخريات
قل لهن :
هي أحبتني بعيدا عن ميزان النساء
وعُرفِ النساء
ولغة النساء
فهي تعرف أني لست أوسم الرجال
تعرف فوضويتي ، مشاكستي
جنوني ، ترددي ، شكي ، يقيني
طفولتي ، نضوجي ، هروبي ، أقدامي
كذبي ، صدقي ، اعذاري الواهية
تقلب أقنعتي على أطراف أصابعها
كطفلة بريئة
تنهدتني دون أن اهديها
عقدا من اللؤلؤ والماس
قل لهن:
أنها تمنحني بلا حساب
ولم تنتظر يوما مقابل
احبتني بلا غاية ولا هدف
وكانت من الساخرات
من راكبات الحلم عبر دفتر الشيكات
احبتني دون أن تحاول تغيري
أو تربط يداي
أو تقص أجنحتي
لم تطلب مني يوما شيئا
كانت دوائي في جراحي
رغم نسياني لها في كل
أحزانها وافراحها…!!!

|||

لا تخجل وأنت تقول لهن :
كيف كنت اهرب من جرحك
إلى وكري السري لاداوي نفسي
بجرعات كبيرة من اليأس
وأنت تلاحقني بأكاذيب
من سمّ الأمل
(حذار من سم الأمل حذار)
“فكل رجل يقتل من يحب”
بحقن الوريد بسمّ الأمل،
ويبقى يطاردها حتى الأبدية
ليقتلها بعد موتها مرات ومرات
فقط لأنه أحبها مرة
ونجت منه ..
حبيبك اللامنسي..
سيظل يطاردك لأن الرجل
لا يغفر لامرأة لم يفلح في قتلها !
وما أنتِ إلا نصب تذكاري
على رف انتصاراته
يأتي إليه متى يشاء
.. يدمرك ليستمر ..
قل :
كيف كنت اهرب من حرب افتراضية
غير متكافئة
لأن الهرب كان نصري الوحيد
التي اربحها بالهروب…!!!

|||
قل لهن رغم كل ذلك :
كانت ملاكي الحارس
في مدن انقطع النور فيها
فكانت تحوم حولي كفراشة الضوء
ولا تنفك تغني لي : لن أهجرك
وتبقى تحوم حولي ..
حتى تنقشع ظلمتي ..!!

|||
قل لهن :
في غيابي وحضوري
لم أخطر على بالها يوما
لأني كنت الذاكرة نفسها
قل لهن :
كيف شققت رحم الغيمة
لتتحول لرذاذ عطر
ولا تسأل الغيمة :
من أي قطر حملت !؟
قل لهن :
عن مغامراتنا كيف كنا نغطس
في قاع الظلمات
المليئة بالأفاعي ، العناكب ، العقارب ، الشرور
ونخرج مسرعين كالأطفال الاشقياء
ليغسلنا الضوء
قل لهن :
كيف احترفنا الحلم معا
ونحن نطارد الطيور لنركب اجنحتها
حين تعلو بالفضاء
دون أن نغادر مكاننا !
|||

قل لهن :
وحدها الوحدة لم ترضخ لي
لست مهجورة ولكني هاجرة
يسألونني ألا تخافين الموت وحشة ؟
جربت الموت ، فكنت كمن مات
داخل جثته فاطلق الموت سراحي
حين نظر إلى موتي !!
داخل نزفي أكتب وصيتي
أكتب على شاهدة قبري
هنا ماتت امرأة غرقا في محبرتي
سقيتها حتى ثملت
تجاهلا ، صمتا
جفاء ، قسوة ، ابتعادا
ارغمتها على شرب ملح البحر
حتى اغرقتها ..
فعاقرت الموت وحشة دوني …!!!
حنان بدران

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى