نكبة ثانية أو دولة واحدة يقودها فلسطيني
بقلم: جدعون ليفي
أحد الإنجازات الكبيرة، الذي يمكن لنتنياهو تسجيله على اسمه، هو إزالة حل الدولتين عن الطاولة. إضافة إلى ذلك فإن نتنياهو في سنوات ولايته نجح في إنزال كل القضية الفلسطينية عن جدول الأعمال. ففي البلاد وأيضاً في الخارج لم يعودوا يهتمون بها، باستثناء الضريبة الكلامية على الأقل حتى الآن. بالنسبة لليمين فإن الحديث يدور عن إنجاز كبير، وحسب رأيي بالنسبة لكل شخص آخر، فإن هذا الأمر يجب أن يعتبر تطوراً كارثياً، تجاهله كارثي أكثر.
لا يبقي نتنياهو لنا على المدى البعيد إلا حلين اثنين لا ثالث لهما: نكبة ثانية أو دولة ديمقراطية واحدة بين البحر والنهر. أي حل آخر لن يكون قابلاً للتطبيق، وهو ليس أكثر من وهم مثل سابقيه، وهم استهدف إعطاء فترة أخرى من أجل تعميق الاحتلال، ليس لأن هناك الكثير من أجل تعميقه، بل الاحتلال هو عميق بما فيه الكفاية وراسخ وقوي وغير قابل للتراجع عنه. ولكن إذا كان يمكن ترسيخه أكثر، لمزيد الثقة، فلم لا. وإقصاء القضية عن جدول الأعمال على الأقل سيمكن من الإعلان بشكل رسمي عن موت حل الدولتين، بعد عشرات السنين من موته الفعلي.
أراد نتنياهو قمع التحدث عن حل الدولتين وقد نجح في ذلك بشكل كبير. هذا ليس غريباً؛ لأن جميع الأطراف تعرف بشكل جيد أنه لم يتم اقتراح أي حل عميق أساسي منذ أن دخل المستوطنون فندق “بارك” في الخليل. في الأصل بين النهر والبحر لا يوجد أي مكان حقيقي لدولتين قوميتين مع كل خصائص الدول المستقلة وبما في ذلك الجيش. على الأكثر يوجد مكان لدولة إقليمية يهودية قوية ومقابلها دولة فلسطينية دمية، في أفضل الحالات. يجب تقدير من يواصلون النضال من أجل حل الدولتين في أحلامهم وسجلاتهم وجداولهم وخرائطهم، لكن أي قاعدة بيانات لن تغير حقيقة أن الدولة الفلسطينية الحقيقية لن تقام هنا، ودون ذلك لا يمكن أن يكون هنا حل الدولتين.
بسبب قتل هذا الحل فإن نتنياهو يكون قد وضع أمامنا حلين آخرَين لا ثالث لهما. الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين، بمن فيهم نتنياهو نفسه، تثق باستمرارية الأبارتهايد إلى الأبد. يبدو أن هذا السيناريو يعتبر في الوقت الحالي السيناريو الأكثر معقولية. ولكن تعزز اليمين المتطرف في إسرائيل وروح نضال الفلسطينيين التي لم تخفت بالكامل، لن يسمحا لهذا الوضع بالاستمرار إلى أبد الآبدين.
الأبارتهايد حل مؤقت، ربما يكون بعيد المدى. فقد مر أكثر من خمسين سنة وربما سيستمر خمسين سنة أخرى، لكن نهايته ستأتي. ولكن كيف؟ هناك سيناريوهان فقط لا ثالث لهما. السيناريو الأول، المفضل لدى اليمين المتطرف، وللأسف ربما تقريباً لدى جميع الإسرائيليين، هو نكبة ثانية. إذا انتهت جميع الخيارات ووقفت إسرائيل في مواجهة خيارات صعبة وهي إما دولة واحدة ديمقراطية للشعبين وطرد الفلسطينيين من أجل الحفاظ على الدولة اليهودية، فإنه تقريباً أي إسرائيلي يهودي سيفضل الطريقة الثانية. وبما أن حل الدولتين غير وارد فلا يوجد أمامهم أي خيار آخر.
من الجيد أن حل الدولتين تمّت إزالته عن الأجندة. لأن استمرار الانشغال العقيم به تسبب فقط بالضرر. ها هو حل جاهز على الرف وفي الوقت المناسب سيتم تطبيقه فعلياً. هكذا قام العالم بتعزية نفسه، وهكذا قام اليسار والوسط في إسرائيل بتعزية نفسَيهما، وبذلك تجاهلوا مئات آلاف المستوطنين العنيفين والأقوياء سياسياً الذين تسببوا بالضربة القاتلة لهذا الحل. في ضفة خالية من اليهود ربما سيكون لذلك احتمالية ضعيفة، لكن الأمر ليس هكذا في جزء من البلاد الذي أسياده هم المستوطنون. في هذه الأثناء فإن الخمسة ملايين فلسطيني الذين يوجدون بين النهر والبحر سيبقون هنا ولن يذهبوا إلى أي مكان.
سيأتي ذلك اليوم، حتى لو كان يبدو الآن بعيداً جداً، وسيتم توجيه المسدس للرأس: نكبة ثانية، وضمن ذلك طرد “عرب إسرائيل”، أو دولة ديمقراطية واحدة مع رئيس حكومة فلسطيني أو وزير دفاع فلسطيني، جيش مشترك، علمان، نشيدان وطنيان، ولغتان. لأنه لا يوجد أي حل آخر. فما الذي ستختارونه؟