في البَدْء كان الحجَر

شعر : عبد الناصر صالح

ـ 1 ـ

في شَهْرِ كانونٍ يجيءُ لنا الخَبَرْ

ألْجوُّ مَشْحونٌ يُبَشّرُ بالمَطَرْ

مَطَرٌ على الطُّرقاتِ

يَجْرِفُ ما تبقّى من خَطَرْ

مَطَرٌ

ويَحْتدِمُ الشَّرَرْ:

طِفْلٌ يُعبّئُ بالحجارةِ صَدْرَهُ

وصَبيّةٌ تُرْخي ضَفَيرتَها

لتَهْتفَ باسْمِ عاشِقِها القَمَرْ.

حَجَرٌ

ويَنْهارُ التَّتَرْ.

حَجَرٌ

وتختَلطُ الأُمور على موائِدِهمْ

وتَهْتَزُّ الفِكَرْ.

حَجَرٌ

وتُرْفَعُ رايَةٌ

حَجَرٌ

وتَعْلو هامَةٌ

حَجَرٌ

وتَسْقُطُ هَيْبَةُ الغازينَ في وَحْلِ الحُفَرْ.

حَجَرٌ على لَهَبِ الرَّصاصِ قد انْتَصَرْ

دَمُنا على الموْتِ انْتَصَرْ

دَمُنا تَجلّى وانْتَصَرْ.

ـ 2 ـ

هيَ فِكْرةٌ قَبْلَ الدُّخولِ إلى الحَجَرْ

هيَ خطوةٌ تأْتي ويَتْبَعُها الحَجَرْ

هل كانَ في البَدْءِ الحَجَرْ ؟

هل كانَ في البَدْءِ المُخَيَّمُ ؟

ـ كانَ في البَدْءِ الصَّفيحُ

يُسجّلُ التّاريخَ في أَحْلى صُوَرْ:

.. وَطَنٌ تَجَسَّدَ في مُخَيَّمْ

وَطَنٌ مُلَثَّمْ

وَطَنٌ يُشَرّعُ صَدْرَهُ العاري ليحتضنَ الزَّمَنْ

وَطَنٌ تَلاحَمَ في الوَطَنْ.

ـ 3 ـ

صَوْبَ الجُنودِ المُنْهكينَ وحِقْدِهِمْ

طِفْلٌ تَمَتْرَسْ.

رَفَعَ الحواجزَ في الطّريقِ وأَشْعَلَ النّيرانَ

أطْلَقَ ما تَبَقّى في يَديْهِ من الحِجارةِ

واخْتَفى

بينَ الزّحامِ وهالَةِ الجَيْشِ المكَرَّسْ.

طِفْلٌ تَمَرَّدَ واحْتَفى

بحجارةِ الوَطَنِ المُقَدَّسْ.

ـ 4 ـ

في البَدْءِ قَدْ كانَ الحَجَرْ

بَيْتاً، إلهاً للعبادَهْ.

واليومُ قَدْ صارَ الحَجَرْ

رَمْزاً لتحقيقِ السِّيادَهْ.

ـ 5 ـ

طَيْرٌ أبابيلٌ تحلّق في الغمامْ

وحجارةُ السِّجّيلِ تَسْقُطُ كالسِّهامْ

حَجَرٌ سَيَبْني دَوْلَةً

ويُزيلُ أَنْقاضَ الخِيامْ

حَجَرٌ سَيَنْقُلُ أُمَّةً

للِنُّورِ

بَعْدَ وُلوجِها عَصْرَ الظَّلامْ.

ـ 6 ـ

في شَهْرِ كانونٍ يجيءُ لنا الخَبَرْ

ألْجوُّ مَشْحونٌ يُبَشِّرُ بالمَطَرْ

مَطَرٌ على الطُّرقاتِ

يَكْنِسُ ما تَبَقّى من ضَجَرْ.

مَطَرٌ

مَطَرْ.

شَعْبٌ أرادَ العَيْشَ حُرّاً

فاسْتَجابَ لَهُ القَدَرْ.

حَجَرٌ

حَجَرْ.

وتَميدُ تحتَ الغاصِبينَ الأَرْضُ

تَنْتَفضُ المدائنُ والقُرى

واللَّوزُ والزَّيْتونُ

والنَّخْلُ المُعَبَّأُ بالثَّمَرْ.

……

……

في البَدْءِ قَدْ كانَ الحَجَرْ

عاشَ الحَجَرْ

عاشَ الحَجَرْ

عاشَ الحَجَرْ.

———————-

معتقل أنصار 3 / النقب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى