تجاعيد الماء (58).. أذان

سوسن صالحة أحمد | شاعرة سورية تقيم في كندا

ممزوج بالصمت والبوح، يقترف الضوء في لجة ظلام لا رجعة فيه.

لطيف روحه قزحٌ مختلف ألوانه، يسربل الروح ببعض منها، يعير بعضا من بيانه ليُدَلَّ به عليه حين تضيع الجهات من بوصلة عاجزة عن التوجه.

كم أشعلت المآذن أضواءها!، كم رفعت صوت إكباره لفرض ونافلة، جاهدة في فتح قلب حضور غائب، تنتهل محاريبها شوقا لتقيمَ صلاتكَ فيها.

يقال: إن الأماكن تشتاق ريح العابرين بها.

لا دين يثبت دون إقامة فروضه ومكان للتعبد تبيضُ زواياه حين تفرغ من أنفاس المتعبدين، ومسجد أقيم باسمك تفتت بنيانه تحت شمس غيابك حتى صمت في مئذنته صوت الله.

ما عادت المآذن تشعل أضواء، أشعل القديس مكان كل ضوء شمعة احتراق، ترمي بظلها على نوافذ مهشمة فوق ركام المكان، سيان في حطامها إن كانت مفتوحة أو مغلقة، فنافذة شرعت للغياب لا تطل إلا على مشهد واحد لحياة ميتة.

إن مررت يوما على الأطلال قل: كم أُّذِّنَ لي ولم أصلِّ! ، ولا تطلق تسابيحك لصلاة فائتة تحاول زرع النخيل في جنة أبادها صلفك، على سبحة ما كفت من فرط النخيل فانفرطت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى