مرفوضٌ فى بلد الأزهر!

صبري الموجي |رئيس التحرير التنفيذي لجريدة عالم الثقافة

 لم يعد يمرُ يومٌ دون أن تعكر أسماعنا أصواتٌ نشاز، رأى أصحابُها أن فرس الرهان لتحقيق الشهرة والذيوع هو هدمُ الثوابت والتجرؤ على الدين.

فبنظرة سريعة لما أُثير من قضايا لاكتها الألسنةُ مُؤخرا،  نلحظ استفحال خطر أعداء الدين، الذين جعلوا جُل همهم هدم الثوابت والتشكيك فى القيم، التى تربى عليها سلفُنا الصالح، وأسهمت فى تخريج كوكبة من العلماء والمفكرين سادوا الدنيا ونشروا العلم فى شتى ربوع الأرض.

ولا شك أن ماجري ويجرى – من لغطٍ وبلبلة جراء الدعوات المُغرضة التى فجرها أصحابها بدءا من ثورة يناير – أكبرُ دليلٍ على عدم فهمنا لمعنى الثورة، التى كُنا نطمح من وراء اندلاعها إلي تحقيق الأمن والرخاء، فخرجت عن إطارها الصحيح، وصارت ثورة على القيم والأخلاق والفضائل.

فلم تخمد عواصفُ المشككين فى التراث أمثال البحيرى، والشاتمين للصحابة أمثال ميزو،  والمبيحين للزواج العرفى، والموالين لفكر الروافض، حتى دوّى رعدُ الشوباشى، داعيا إلى خلع الحجاب، عبر تظاهرة تخرجُ فيها النساء الرافضات للعفة، ويحميها الرجالُ الذين يقرون الدياثة، ويروجون للسفور.

إن وسطية الإسلام التى وصف الله بها أمة حبيبه ومصطفاه محمدٍ كما أنها تعنى عدم الإفراط أى المبالغة والتشدد، فإنها تعنى أيضا عدم التفريط، أى تضييع الدين وفك عُراه.

فمهلا أستاذ الشوباشى، فمصر التى شرّفها الله كمكان فى كتابه العزيز فقال سبحانه: ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)، ومدح النبىُ أهلها فى سنته، فقال صلى الله عليه وسلم: ( استوصوا بأهل مصر خيرا، فإن لنا فيهم نسبا وصهرا )، لن تقبل التطرف الفكرى بنوعيه: (الإفراط والتفريط)، فكما أنها تحارب الإرهاب وتتصدى للفكر الداعشى، الذى يستهون الدم، ويُثمن القتل والحرق والتعذيب، فإنها ترفض أيضا وبشدة التفريط فى الشرف والعفة، ومحاربة الحجاب الذى هو من أصول الدين، وارتدته أمهاتُنا الأوليات رمزُ العفة والشرف.

إن غضَ الطرف عما نعانيه من مشاكل اقتصادية، تتطلب تضافرَ كل القوى الاقتصادية لحلها، ومشاكل أمنية فى مقدمتها الإرهاب الأسود، والانشغالَ بقضايا فكرية تُثير اللغط وتنشر البلبلة، نوعٌ من الخلل الفكرى، الذى نربأ بمفكرينا أن يتصفوا به.

وحسنا فعل علماء الأزهر الأثبات، الذين تصدوا لذلك الخطر الفكرى، وأوقفوا مده، بما عقدوه من مناظرات منها مناظرة بين البحيرى والدكتور أسامة الأزهرى، بمصاحبة الحبيب بن على الجفرى، حيث كشف الرجلان ضلالات البحيرى الذى بدا مُضطربا خائرا ضعيف الحجة، عاجزا عن الرد، كما رفض الأزهر وبشدة دعوة الشوباشى لخلع الحجاب، إيمانا بأن الحجاب دليلٌ على الحياء والعفة اللذين يُعدان من ثوابت الدين.

والمؤكد أنه إن لم تجابه تلك الدعوات الهدَّامة وبشدة، فسيكون هذا مُسوغا لظهور دعوات أشد قبحا، تأباها الفطر، وتُحرمها الأديان، فهل نحن منتبهون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى