وما أدراك ما القمعة

المحامي حسن عبادي | فلسطين

التقيت الأسير إسلام صالح محمد جرار في سجن إيشيل ببئر السبع، مباشرة بعد لقائي بنائل، استفسر عن مشقّة السفر الكوروني وحدّثته بدَوري عن نشاط والده الشعريّ والفيسبوكيّ رغم عمره (ولد سنة 1931 في قرية برقين قضاء جنين).

أكملنا حديثنا حول ضرورة تدويل قضيّة الأسرى، فنحن بلد المليون أسير، والوصول بها إلى المحافل الدوليّة، حدّثني بحرقة عن تلك الجثامين التي ما زالت تقبع في ثلّاجات السجون، كتلك التي في مقابر الأرقام، ولم تحظ بعد بإكرامها ودفنها؛ ذكر لي الأسرى داوود الخطيب، كمال أبو وعر، بسام السايح، سعيد غرابلة، فارس بارود ونصار طقاطقة (رحمهم الله) الذين قُتلوا بدم بارد داخل السجون، ولم تُحرّر جثامينهم بعد ونحن صامتون صمت أهل القبور. حقًا، صمتُنا عار!

تناولنا مسودّة ورقة عمل بعنوان”صمتُنا عارنُا” (عنوان مؤقّت) لتلك الحملة، فهناك إجماع مؤسّساتي إسرائيلي ممنهج للتنكيل بالأسير الفلسطيني، يشمل كلّ أطياف الشارع الإسرائيلي، بجميع مؤسساته السياسيّة والأمنيّة، وتعبئة شعبويّة عامة تشمل وسائل الإعلام المجنّدة لشيطنة الأسير الفلسطيني، وتعبئة عامّة للجهاز القضائي لشرعنة الوسائل التعذيبيّة لتصير مُتاحة بموجب القانون، وتسويقها دوليّا، إعلاميًا وقانونيًا، وبالمقابل، هناك صمت فلسطيني ممأسس لتجاهل ملفّ الأسرى ودفنه، وكأن هذا الملف عبء كبير على كاهلنا ممّا جعل دولة الكيان تتصرّف بعنجهيّة وكأنها مُحصّنة ومحميّة من الملاحقة والمحاسبة، ممّا أدّى إلى غياب العدالة الدوليّة وعدم  محاسبة  دولة الكيان على جرائمها بحق الأسرى الفلسطينيين، وإمعانها في الإفلات من العقاب، لتسرح وتمرح في التنكيل بالأسرى.

لذا يتوجّب تبئير العمل، بدايةً، على الإهمال الطبي، الأشبال، الإداري والقمعات (القمعة هي عمليّة عقاب جماعيّ، تُستخدم فيها وسائل العنف والتنكيل ويميّزها استخدام العنف المفرط، استخدام الغاز المسيل للدموع، قنابل صوتيّة وكلاب، تقوم بها قوّات “النحشون”، سيّئة الصيت، و”درور” وغيرها)؛ اتفقنا على ضرورة جمع الشهادات والأدلّة من أجل التوجّة لمحكمة الجنايات الدوليّة وضرورة مرافقته الإعلاميّة المهنيّة، وكذلك طرحنا فكرة التوجّه بدعوات عينيّة من قبل الآلاف للقضاء الإسرائيلي تيمّنًا بالتجربة الجنوب أفريقيّة  لتشكّل قوّة ضاغطة ومحركّة لملف الأسرى، يتجنّد لها مراقبون دوليّون.

رافقتني في طريق عودتي إلى حيفا لوحة هبة أيمن باسم فلسطين التي سمّيتها  “سيلفي الجثامين”! 

لك عزيزي إسلام أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى