مقال

إيمان البحر درويش وحسني مبارك

بقلم: الكاتب الروائي المصري خليل الجيزاوي
عندما ذهب الرئيس الأسبق حسني مبارك للعلاج في ألمانيا، رأى أحد المرضى أن مبارك يلقى اهتماماً زائداً من إدارة المستشفى، فتوجه لأحد العاملين في الإدارة وسأله: من هذا الذي تهتمون به وتتركون المرضى الألمان؟!
أجابه: إنه رئيس مصر في شمال أفريقية.
وأضاف: إنه يجلس على كرسيه منذ ثلاثين عاماً.
فتعجب المريض الألماني قائلا: رئيس يجلس فوق كرسي الرئاسة ثلاثين سنة ولم يقدر على بناء عدة مستشفيات على درجة عالية من الكفاءة الطبية؛ ليعالج نفسه؛ وليعالج أفرد شعبه، يستحق أن يموت ولا يستحق أن يعالج في ألمانيا.


وها نحن أيها الأصدقاء منذ أكثر من خمسين عاماً ومنظومة العلاج في مصر تتدهور من سيئ إلى أسوأ، مستشفيات ديكور، ليس بها كشف جيد لتشخيص العلاج أو صرف أدوية أو أجهزة طبية موجودة وتعمل بكفاءة عالية، حتى معظم الكفاءات الطبيّة المصرية سافرت إلى البلاد العربية والأوروبية لضعف الرواتب الشهرية، ومنذ سنوات سمعت الكثيرين يردّدون: الفقراء يموتون في المستشفيات دون علاج، ومنذ عدة أيام مات الشاعر الكبير محمود قرني ونحن نقف صامتين عاجزين حتى عن الصراخ، أو تقديم يد المساعدة لعلاج شاعر يستحق العلاج كأبسط حقوق المواطن المصري بشرف وكرامة في وطنه، كما نص على هذه الحقوق جميع الدساتير المصرية، وها هو الفنان إيمان بن محمد البحر بن سيد درويش موجود في أحد المستشفيات، ولم يجد العلاج المناسب حتى تدهورت صحته، والكل على صفحات التواصل الاجتماعي يلعن ابنته سراً وجهراً؛ لأنها نشرت صورته على فراش المرض.
وأقولها صراحة: إن نشر صورة إيمان البحر بهذه الصورة إدانة لنا جميعاً؛ لأننا لم نصرخ، لم نحتج ضد الأوضاع المخزية والمحزنة لحالة مستشفيات العلاج في مصر المحروسة، يجب ألا ينام الليلة السيد الدكتور وزير الصحة قبل أن يزور إيمان البحر درويش في غرفته بالمستشفى، ويجب ألا ينام الليلة السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء قبل أن يصدر قراره بنقل إيمان البحر درويش إلى أكبر مستشفى في مصر للعلاج فوراً، تحركوا أيها السادة قبل فوات الأوان.
وماذا يملك الكاتب إلا أن يصرخ على الورق ويكتب لعل وعسى تتحرك القلوب والضمائر الإنسانية، ولا يزال في آخر النفق شمعة تنير لنا ولهم ولكم طريقة العتمة، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى