خواطر امرأة بين الهزيمة والانتصار

وليدة محمد عنتابي | سوريا

مزّقت أشرعتي حرقت دفاتري

وطـــــردت أحلام الزمان الغابــر

ألقمت للنــــيران أحرف قصّـــتي

وغرقت في قاع الخـــمود الفاتــرِ

كم هدّني عبث الحنين بخافـقــــي

عبث الصّبابة في رقيق مشاعري

كم لوّحتني الريح فوق مفـــــارقٍ

شتّى وضاع الدرب بين ستائريي

يا موج تلك سفائني وحطامـــها

اقذف بها للشطّ قذف الثائـــــــرِ

مجدافها الهرم العتيق معـلّـــــقٌ

في جانبيها زند ميْـــتٍ خائـــــرِ

يا ليل كم أغفى على شباكــــنــا

قمرٌ وبرعم فيه مرج أزاهـــــــرِ

ها نحن شردَنا الهوى في أرضه

وبكى على أحـلام قـــلبٍ عاثـــرِ

لم يبقِ فيه سوى الهشيم ولوعةٍ

أبديةٍ , وشتات وهــــمٍ عابـــــر

أهواؤنا أحلامــنا ماتـت بـنــــــا

حتى ارتعاشات العبير الماطـــر

قد عدتُ من دنيا الصبابة ريشةً

محطومةً في رجـــع لحنٍ خاسرِ

أبحرت في كلّ البحار بمهجتــي

ومع الرياح ذهبت مثل مقامــــرِ

حتى الأعاصير العنيفة خضتها

والنار في ركب الهوى المتطاير

لم يشفني من تيه تشريدي سدى

أنّي دفنت مشاعري وخواطـري

لم يجدني أنّي اكتأبت ورقّ بــي

طبع العواصف والشعور الفـــائرِ

لولا بقايا من دمــــاء فجــــيعتـي

لونّت فيها فجر عـــمري الســادرِ

عمري الحزيرانيّ عمر هزائمي

والليل يعبث في شتيت منـــائري

ثكلى يلوّعني , يمزّق رؤيـتــــي

كفنٌ تعمــــــّد بالنجيع الطـــاهــرِ

يا موكب الشهداء فـجّر نـــــوره

سدف الظلام المشرقي السافــــر

لن تعبر النكسات فوق عزيمـــة ٍ

جـــبــارةٍ إلّا بــنعش مــــــتــــاجــر

ردوا مقابركم على أمــــــواتـــــهــا

يا حفــــــنة الأقــزام لا تـتــآمـــري

صهيون زلزله الهديــــــر مكبــــّراً

صوت الهدير يثـــــير فيض بشائر

طلّي على الجرح المسّعّر بالردى

بشعاعك يا شمس رغــــم مكـــابر

ها نحن مزّقنا الـــقنـاع وزيــفــــه

فإذا الحــقيـــقة في بــيانٍ ســــافــرِ

أسطورة نسج الزّمان غــــبارهـــا

ألقى عليها برق زيفٍ مـــاكـــــــرِ

ها نحن يا عمر المكــرّم دفـــقــــةٌ

غيرى على اليرموك غضبة ثائـــر

بـحر الدمـــاء معطّرٌ بـأريـجنـــــا

ما زال رطـــباً يا دماء الثـائـــــــر

لا لن يــجـفّ وفي عروقه قطـــرة

حمــــــراء تعثر بالمصير الحائـــر

وستخفق الرايات فيض عواصــــــــفٍ

من قاسيــــــــون على الجليل العامرِ

يا نــــــصــر يا لون الحياة وطعمها

يا شبـــل سبـــعٍ في انتفاضــــه كاسرِت

شرين دار على الوجود بخـــــــمرةٍ

فالخصب ضيف في المـــــتاه العاقر

في كلِ نادٍ للـــبطــــولة يرتـــمـــــي

بهتافةٍ خضراء مـــــــلء الخاطـــــر

تشرين يا ريش الزهـــــــوّ معـــلّـقٌ

فــوق الــقــــــــوادم من فــداءٍ ظافرِ

هيـــئت للقـــدس الأسيرة بــيـرقـــاً

من قـــطرةٍ فوق التـــراب العاطــر

لتظـــــلّ منطلقاً على أعــناقــهـــم

ركب الضحايا رغم جرحٍ مــــاطرِ

ما جولة الساحات إن لم تــــنطـلقْ

فيك البطولة من صمـــيــمٍ هـــادرِ

شهداءنا يا جسر مجدٍ قــــــائـــــمٍ

بـيـــن الحقيقة والخداع الداعـــــر

أنتم فتحــتـم جــبهة بقــلوبــنــــــا

فيها البطولة من دمٍ ومنــائــــــــر

ميسون هل ثارت حميّا النصرهل

ضجّت سواعدهم بغير أســـــــاور

سأجود طوعا بالذي قدمته

وبما لدي مشاعري وضفائـــري

سأحطّم الصنم الذي شادوا بــه

كلّ البريق الكاذب المتجاســــر

يا ويلهم من نار جيلٍ واعـــــدٍ

إذْ هبّ إعصاراً جنون مغامـــر

من نقمة الشهداء في أشلائهـــم

إذْ بعثر النابالم جسم الكاســــــر

من صمت مغتالٍ وراء قذيـــفةٍ

إصرار أنيابٍ وحقد أظافــــــــر

من دمع طفلٍ وارتعاد صـــبـيّـةٍ

ودمــوع ثــكلى والـــهٍ متصابــر

يا أمّ صبراً فالمواكب في المــدى

ستعود في حضن الربيع الساحــر

لتبرعم الأزهار فوق ترابنــــــــا

في كلّ شبرٍ خطو ألف مسافــــر

لتجفّ في سيناء قطرة مـهجــــةٍ

حمراء تصرخ من دماء حرائـــر

ويعود يخضلّ الثرى في قدسنـــا

وتطلّ يافا من مـــنــام عابــــر

فالنصر آت لا محالةمطلقار

فع الضياء سلاح كلّ مخاطِــر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى