ثقافة الهبل في فهم صراع الأجيال

جميل السلحوت |  أديب فلسطيني

ممّا يروى أنّ أحد الفلاسفة سئل: ما خير ما في الانسان؟
فإجاب: عقل يسيّره.
فقيل له: وإن عُدم؟ فأجاب: علم ينفعه
وقيل له مرّة أخرى وإن عُدم؟ فإجاب: نار تحرقه.
فأيّ من الثّلاثة ينطبق علينا نحن العربان؟ فعندما يولد لأحدنا طفل، فإن كان ذكرا تعاملوا معه على أنّه رجل منذ يومه الأوّل، وإن كان المولود أنثى يتمّ التّعامل معها على أنّها “عروس” منذ يومها الأوّل، وعندما يحبو الطّفل ويمشي، وفي مختلف مراحله العمريّة أيضا يجري زجره على أيّ خطأ مهما كان صغيرا، ويحاط الأطفال من الجنسين بطوق “العيب” حتّى أنّ البعض منهم يظّن أنّه “كتلة عيب” وسط “الكبار الأفاضل”ّ! ويبقى الابن الذّكر “طفلا” ما دام والده حيّ يرزق، حتّى لو كان في الثّمانين من عمره، ووالده في المائة حيّ يرزق، في حين هو رجل على أمّه وأخواته بتربية ذكوريّة لا غبار عليها، في حين تبقى المولودة الأنثى عروسا تحت الرّقابة حتّى تتزوّج، وبعدها تصبح امرأة وربّة بيت حتى ولو زوّجوها وهي في سنّ الطفولة، وضمن تربية ثقافة الهبل والاستهبال مطلوب من الأبناء أن يكونوا صورة طبق الأصل عن والديهم، وممنوع عليهم مسايرة أبناء جيلهم وما طرأ على الحياة من تطوّر لم يكن زمن طفولة وشباب الوالدين، يعني لا يتمّ فهم صراع الأجيال ولا يعرف الغالبيّة كيفيّة التّعامل معه، وصراع الأجيال معروف منذ القدم، فالإمام عليّ كرّم الله وجهه قال:”اتّقوا الله في أبنائكم فقد خلقوا لزمن غير زمنكم” ويبدو هذا في عصور الجهل الحاليّة عصيّ على فهم كثيرين. ولا يستوعب كثيرون أنّ كثرة الضّغط قد تولّد الانفجار، أي ربّما ستقود إلى الانحراف، لأنّ الثّقة تصبح معدومة بين الوالدين والأبناء.
وثقافة الهبل والجهل في التّعامل مع الأبناء تعني أنّنا نحرمهم من أجمل مرحلة في حياتهم، وهي مرحلة الطّفولة مع ما تحمله من براءة، وبالتّالي فنحن نهدم الانسان بدلا من بنائه، نهدم شخصيّة أبنائنا، وندرّبهم كيف ينقادون لغيرهم بدون تفكير، ولا ننتبه للعواقب الوخيمة على جيل الأبناء الذين هم جيل المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى