فكر

حضارات الشرق في مواجهة التغريب والتحديث

بقلم : عماد خالد رحمة ـ برلين

من يقرأ بعمق حضارتنا العربية بشكلٍ خاص، والحضارة الشرقية بشكلٍ عام، ويقارنها بالحضارة الغربية. يدرك تمام الإدراك كم أنَّ الشرق كان يزخر بالعلم والفكرٍ والثقافة والمعرفة. فقد تجلّت فيه كل أشكال العلوم الإنسانية والأدبية والفلسفية والدينية والفنية وانطلقت إلى أرجاء المعمورة. كما يزخر الشرق بالفنانين المعماريين البارعين في مجال البناء وهندسة العمران للمعابد والقصور والمدن والأسوار والقلاع والحصون والأسواق والحدائق. فمن الشرق العربي انبثقت الأبجدية الأولى إلى العالم،وكانت أرضنا العربية مهبط الديانات السماوية. ومهد الحضارات الإنسانية العريقة ، وفيها ظهرت أول نوتة موسيقية في التاريخ الإنساني في نينوى في العراق، كما دوِّنت أرقى وأهم القوانين والتشريعات في التاريخ الإنساني في عهد حمورابي. وبَرَعَ أجدادنا في شتى علوم الحياة، وعلى رأسها علوم الطب والصيدلة والفلك والجبر والرياضيات، إلى جانب الجغرافيا والهندسة والسياسة والفلسفة والأدب، وحتى الموسيقى والاقتصاد والزراعة والنباتات، والكيمياء. وما التحنيط في الحضارة الفرعونية سوى شاهد على عظمة علم الأحياء وعلم الكيمياء. كان الغرب خلال تلك الحقب التاريخية غارقاً في الجهل والظلام، ويعيش سكانه في المغاور والكهوف.
في عصرنا الحديث الذي نعيشه ظهر تيارٌ فكريٌّ كبير وواسع ذو أبعاد سياسية وثقافية واجتماعية وفنية، أطلق عليه (التغريب)، يرمي إلى صبْغ حياة الشعوب والأمم بأسلوب الغرب ومنهج حياته، ويرجع ذلك لأهدافٍ عديدة أهمها التبعية الكاملة للحضارة الغربية الحديثة وخاصة التبعية للدول الكولونيالية التي استعمرت بلداننا العربية.
في هذا السياق قام المستشرق الإنكليزي المعروف هاملتون أَلِكْسَنْدَر رُسْكِين غِبّ . يعرف اختصارا بـ “H. A. R. Gibb
توفي عام 1971 م. بتأليف كتاب صغير تحت عنوان : ( إلى أين يتجه الإسلام) أو (وجهة الإسلام ـ نظرة في الحركات الحديثة في العالم الإسلامي) صدر في أواخر الخمسينات من القرن العشرين، وتمت ترجمته إلى اللغة العربية عدّة مرات بعناوين مختلفة. وكانت الإشكاليتان اللتان تعرَّض لهما هاملتون غب تتعلقان بمدى قدرة المسلمين على التلاؤم مع الأزمنة الحديثة والمعاصرة لجهتين: الأولى لجهة العيش مع الآخرين في مجتمعات وتجمعات ودول تعددية، من أجل العمل الفكري والفقهي الديني على ما أطلق عليه (تجديد التقليد) ،والثانية لجهة العمل على تسويغ المسايرة للتطورات الاجتماعية والثقافية والمالية والاقتصادية والسياسية الحديثة.جاء في هذا الكتاب : إنَّ من أهم مظاهر سياسة التغريب في العالم الإسلامي تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة في منطقتنا وإظهار وهجها ونورها وسطوعها الذي مضى .وقد أعلن في بحثه هذا صراحةً أنَّ هدفه معرفة إلى أي مدى وصلت حركة تغريب الشرق والتحاقه بالغرب ،وما هي العوامل المؤثرة التي تحول دون تحقيق هذا التغريب. يقول الإحصائي الأمريكي (لورنس د براونLawrence D. Brown ‏)في هذا السياق : (إن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام وفي حيويته وفي قدرته على التوسع والإخضاع. إنه الجدار الوحيد القوي المنيع في وجه الاستعمار الغربي). ولهذا فلا بدَّ من الدعوة إلى أن يتم تطبيع المسلمين بالطابع الغربي. من هنا كانت ردّة فعل سكان الشرق العمل بشكلٍ حثيث لاستعادة طريق الحرير كتعبير عن قوةِ وعراقةِ الحياةِ الإقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ القادمة من آسيا وإشعاع الشرق الذي ينافس الغربَ وما يصدره من ضياءٍ وأنوار.
وهنا يكمن السؤال الهام حول مفهوم ومدلول ومعنى الحداثة. لقد وجدنا الحداثة خارج سياق التعريفات المعهودة إذ أنه لا يوجد تعريف موحد للحداثة، بل نجد جملة مقومات مترابطة ومتداخلة بعضها مع بعضها الآخر، حيث يختار أصحاب التوجهات المختلفة والمتناقضة في كثير من الأحيان عدد محدّد منها لصياغة ما يتناسب طرداً مع مواقفهم وتطلعاتهم ولذلك يدعمونها . وعلى الرغم من ذلك، يمكننا فرز الحداثة إلى شكل، وثقافة، ونظم.
فالحداثة من حيث المظهر والبنية هي واقع الحال الغالب والأعم في عالم اليوم، والذي شهد خلال القرنين الماضيين كماً هائلاً من الاكتشافات المذهلة والاختراعات الرائعة يفوق بأضعاف مضاعفة ما حققته البشرية على مدى ألوف السنين الماضية. مثل الكهرباء والسيارة والطائرة، والهاتف وشبكات التواصل الاجتماعي، وكافة المنتجات الالكترونية، والآليات التي لا يمكن العيش بدونها. وإزاء هذه الإنجازات الهائلة في النتكنولوجيا المتطورة أيضاً، يمكن لجمهورية الصين الشعبية أن تفاخر أنها كانت أولى الحضارات العريقة الحاضنة للاختراع والابتكار، ويمكن للقارة الهندية أن تستعرض أسبقيتها في مجال الرياضيات، وللعالم الإسلامي أن يعتز بأنه حمل لواء العلم والمعرفة والثقافة لعدّة قرون قبل زهاء ألف عام مضت، ولكن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها ولا مفرّ من الإقرار بها، هي أن الحضارة العامة، بوجهها المادي اليوم ، هي حضارة غربية بامتياز، ومساهمات الشعوب والمجتمعات الأخرى فيها هي بمقدار فهمها واستيعابها للنظم والقوانين الغربية وانسجامها معها.
لقد اختلط مفهوم التغريب كثيراً، وشابَهُ الإرتباك وعدم اليقين، وصار يعبِّر عن الاتجاه نحو الغرب بكليته ،والنقل عنه، والتماهي مع بعض مفاهيمه وآرائه. هذا المفهوم اختلط مع مفهوم التحديث السائد، أي اختلط مع مفهوم التطور والتقدّم نحو الأفضل، ونقل الخبرات الجديدة، وهذا الخلط له عدّة مصادر نعرفها بدقة، منها أننا في هذه المنطقة من العالم، وهي من أغنى دول العالم، عشنا لعقودٍ طويلةٍ نتوهَّم أنَّ الغربَ وحده هو نموذج التقدّم والنهضة والحضارة، ومصدر الارتقاء، وأنَّ من يريد أن يأخذ بأسباب التقدم اقتصادياً وتقنياً وتكنولوجياً، بل وربما سياسياً وثقافياً أيضاً، فإنَّ عليه أن ينقل عن علوم الغرب وتجاربه باعتبارها تجارب غنية، وباعتباره المصدر المعتمد لكل المحاولات النهضوية في منطقتنا العربية، ومصدر للأفكار التقدمية، مع ادعاء أنَّ الشرق بأممه الكبرى وحضاراته القديمة العريقة في الصين والهند ومصر وبلاد الرافدين وغيرها، هي مناطق محرومة من مقومات النهضة وأسباب الرقي الاقتصادي والاجتماعي والإنساني.
بعد كل ما تقدّم يحق لنا أن نقول إنَّ هذا الارتباط الشرطي بين التقدم والتطور والغرب في جانب، والتخلف والجهل والفقر والشرق في جانب آخر، إنما يعبِّر عن اتجاه تحكّمي خطير فيه هيمنة من نوع ما، كما يبدو أبعد ما يكون عن الحقيقة والواقع والمنطق، فالأمم التي عاشت في الشرق تختزن حضارياً ما يمكن أن يكونَ مصدر إلهامٍ يدفع بقوةٍ نحو الأمام، بحيث يستقر في نهاية الأمر ذلك المخزون الضخم بمفردات الفكر السياسي الحديث والمعاصر التي ربطت ربطاً مباشراً بين فكرتي (التحديث والتغريب) Modernisierung und Verwestlichung
،على الرغم من أنَّ كل حقائق هذا العصر تشير بغير ذلك، حتى ظهر تيار قوي نشط له مبرّرات وجوده وقوته، يرى أنَّ الحداثة ليست بالضرورة أن تكون غربية النشأة ،ولكنها يمكن أن تكون شرقية آسيوية، فجمهورية الصين الشعبية واليابان والهند وغيرها من أمم الشرق، تختزن في ثنايا تاريخهم العريق تراكماً طويلاً من الخبرات الهامة على نحوٍ يجعل أسطورة الربط المتلازم بين (التحديث والتغريب (Modernisierung und Verwestlichung ليس أمراً هاماً ،ولا يستند إلى خبرة تاريخية معروفة مؤكّدة، وفي حقيقة الأمر فإنَّ التحديث ليس تغريباً دائماً (Modernization is not always Westernization)، أي أنه ليس بالضرورة أن يكون التحديث هو التغريب على الإطلاق.
إنَّ عملية الربط بين (التحديث والتغريب (Modernisierung und Verwestlichung هو إرث استعماري بامتياز، فقد عمل الاستعمار وأعوانه طويلاً لترسيخ هذه الفكرة ونجح إلى حدٍ كبير في الترويج لتلك الأسطورة التي تعني تفوق الرجل الأبيض جسدياً وفكرياً، وهي فكرة عنصرية بامتياز، وهو أمر يعبر تمام التعبير عن مشاعر تمييزية و(عنصرية Rassismus) مفرطة تشير إلى تميز أجناس وأقوام بشرية على غيرها، بل في بعض الأحيان يتم اقتران أجناس وقوميات بشرية مع بعض الحيوانات .كمنع دخول بعض الحانات (للسود والكلاب) في بعض بلدان أوروبا في وقتٍ مضى . تلك العنصرية المفرطة تجعلنا نستقرئ ذلك(التحديث والتغريب (Modernisierung und Verwestlichung الذي يتم استيلاده من الماضي الإنساني الأليم .كأنما يتم إعادة إنتاج النازية في ألمانيا الموحدة قبل أن تنشطر إلى قسمين. وانتشار أسطورة تفوق الجنس الآري من جديد، وليس صحيحاً على الإطلاق أن ثقافة بذاتها أو حضارة بعينها، أو جنساً بشرياً محدداً ،هو الذي يقود قافلة التحديث والتطوير في عالمنا المعاصر، فالحضارة الإنسانية مرتبطة بشراكة واقعية بين أطرافٍ متعددة ومن أقوامٍ متباعدة وجنسيات مختلفة.ليس هذا فحسب بل ظهرت العديد من النظريات التي تتضمن فكرة العنصرية وتحديداً عند صاموئيل فيليبس هنتغتون العالم والسياسي الأمريكي وهو مفكر محافظ . وهو الذي قدّم أطروحة بعنوان (صراع الحضارات). وهو بما قدّم يعني تفوق الحضارة الغربية على حضارات أخرى. وكانت أطروحته (صراع الحضارات) التي جادل فيها بأنّ َصراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون متمحورة حول خلاف أيديولوجيات بين الدول القومية ،بل بسبب الاختلاف الفكري والثقافي والديني بين الحضارات الكبرى في العالم .
إن المخزون الإنساني الحضاري الهائل لدى الأمم القديمة مثل الأمة الصينية والأمة الهندية وحضارة بلاد الرافدين ووادي النيل في مصر، يمكن أن يكون مستودعاً ضخماً لمبادرات التحديث والتطوير والتقدم .كما يشكل المخزون الإنساني الحضاري رؤية عصرية مباشرة، فالأمم القديمة شيَّدت حضارات عظيمة وعريقة حول الأنهار الكبرى، وإذا كانت قد مرت عليها عصور راكدة وأحقاب زمنية من التخلف والوهن والضعف فإنَّ ذلك لا يعني أنَّ المورثات الجينية النقية المتفوقة لم تعد كامنة في مستقر عميق داخل العقل الشرقي ووجدانه وشعوره الذي لا يقل عن نظيره الغربي أبداً، وربما يتجاوزه أحياناً بالميراث الثقافي الغني الطويل، والرؤية الإنسانية البعيدة المدى، فقد اشتهرت الصين القديمة بالعلوم والمعارف والفلسفات والأديان .حتى أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلّم قال حديثه الشهير (اطلبوا العلم ولو في الصين). كما أن الفراعنة قد سبقوا الدنيا كلها بما قدموه من معجزاتٍ كبيرةٍ خاصةً في مجالِ الرياضياتِ والكيمياءِ وفن البناء والعمارة والهندسة وتحديداً تلك المتمثلة في بناء الأهرامات الضخمة ( خوفو، وخفرع ،ومنقرع) التي يعجز الإنسان المعاصر بناء مثيلاً لها. فضلاً عن عجزه اكتشاف أسرار العمليات الكيميائية الخاصة بعملية تحنيط جثث الفراعنة الكبار من عليّة القوم في تلك العصور الغابرة ،التي وصلت إلى نحو سبعة آلاف سنة قبل الميلاد. وهذا يدل دلالةً واضحةً لا لبسَ فيها. أنَّ دورة التفوق الإنساني ستبقى مستمرة وتنتقل من منطقةٍ إلى أخرى، ومن جنسٍ محدَّد إلى سواه، وليس صحيحاً على الإطلاق أنَّ التميز الإنساني حكرٌ على البلاد الغربية والغربيين فقط.
نتيجة لتفاقم فكرة العنصرية بشكلٍ مفرط ،وانتشار أسطورة تفوق الرجل الأبيض على غيره من الأجناس البشرية في العالم . تجدنا مندفعين لأن نرفض الاستناد إلى هذا المفهوم العنصري ولا يجب الأخذ به على الإطلاق. أو القياس عليه. إذ إنَّ حقيقة الواقع يشير إلى أنَّ التحضّر والتميّز والتفوّق هي خصائص إنسانية لا تقف عند قوميةٍ معينةٍ أو جماعةٍ معيّنةٍ أو جنسٍ بشريٍّ محدَّد، فالحضارات الشرقية القديمة التي سادت ردحاً من الزمن ثم ترهلت، ومن ثم بادت. ستبقى قابلة للاستعادة وبث روح جديدة تؤدي إلى إعادة البناء وبعث الأفكار القديمة التي تصلح لأن تكون منهجاً وتوجهاً ورؤى جديدة تدحض بشدة الاستسلام للنظرية القائلة بأنَّ التحديث والتطوير غربي المولد والنشأة والتطور، وذلك أمرٌ يجافي الحقيقة تماماً ولا يتفق أبداً مع ما ذهبنا إليه عند قراءتنا العميقة للعلاقة بين الحضارات القديمة والمجتمعات الناهضة بشكلٍ متسارع حالياً، والدليل على ذلك أنَّ هناك مجتمعات صغيرة في القارة الآسيوية، وقارة أفريقيا قد بدأت تنهض فجأةً من جديد، وتسعى لاستعادة ألقِها وإشراقِها نتيجةَ استلهامِ ماضيها الطويل وخبرتها التاريخيةِ الغنية، ولعلَّ التجربة الفيتنامية الحالية في آسيا وهي تجربة يشار إليها بالبنان التي اتبعت منهج التفاوض الذي يتمثَّل بقضيب الخيزران خير مثال على ذلك، كون قضيب الخيزران مرن في الحركة وقاسٍ جداً وعصي على الكسر. ومعها التجربة الرواندية في أفريقيا هما علامتان جديدتان فارقتان على أنَّ محاولات التحديث والتطوير والتقدّم يمكن أن تبدأ تلقائياً من دولٍ صغيرة نسبياً. وأنها ليست بالضرورة حكراً على الهيمنة والسيطرة الغربية أو العقلية الأوروبية ومنهجها وأهدافها .
من المهم هنا أن نؤكد أنَّ الأمم الشرقية بدأت صحوةً جديدةً واضحة المعالم، وغير متناسين في الوقت نفسه ذلك اليوم الذي هزمت امبراطورية اليابان الآسيوية روسيا الأوروبية في مطلع القرن العشرين، واحتفى الشرق منذ ذلك التاريخ باستعادة زمام الأمور من جديد، وتجاوز هذا الأمر لا يمكن اعتباره مجرَّد انتصار عسكري بل تجاوزه إلى حالة معنوية عالية. لقد أدركنا الكثير عن التميز التاريخي والتفوق الضمني الكامن الذي يسقط كل النظريات الزائفة والمشوهة، بأنَّ التحديث هو التغريب ويعمل على إعادة الثقة مرةً أخرى إلى الحضارات الكبرى العريقة والأمم القديمة ،فالكل أمام العقل البشري والفكر الناضج على حدٍ سواء. يسيرون وفق الفعل الإنساني المشترك شرقه وغربه دون إقصاء أو تميز.
لقد اكتشفت العديد من الدول أنَّ في التوجه نحو الشرق ما يعوِّض عن الاعتماد على التقدم والتطور والحداثة غرباً، لأنَّ البوصلة الإنسانية للحضارات المتنوعة والمختلفة تشير إلى الصعود إلى أعلى، والهبوط إلى أسفل دون أي تردّد. كما أنّها ليست حكراً على عقلياتٍ دونَ غيرها، أو أممٍ بذاتِها، فقد اتجهت العديد من الدول العربية نحو الشرق وبدأت تستعيد ماضيها المجيد من خلال استعادتها لــ (طريق الحرير) وما زالت ترنو بنظرها باتجاه الصين والهند واليابان محاولةً البناء والنهوض الذاتي والتفوق للوصول إلى مستوى حضارات العصر، وإقامة الشراكة التامة في البناء الجديد للدولة الحديثة على أسس متينة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى