همست برجفته الحروف تكلُّما
هلال الشيادي | مسقط
طينٌ يعاف الأرض، طار إلى السما
تعليه ريح الخوف ذاتَ تندَّما
وعلى يديه الغيمُ رتله التقى
فانهلّ يسقي قلبه المتلوما
يعلو بخشيته إليه، فكلما
تعروه خيفته مضى و تقدما
ملأ الفضاء بخوفه و خشوعه
و يضم داخله فؤادا مغرما
عبر السماوات البعيدة كوكبا
قد ضل مسراهُ مُذِ اقتحم الحمى
ورنا إلى الأجرام تسجد خُشّعا
ورنت له الأجرام ذاك المجرما
وهنالك انسجمت رؤاه مع الدجى
و مضى وأنفاسَ الوجود مهينما
ليبوح ملء الكون عن آلامه
إذ كان قبلُ مخبِّئا و مكتِّما
أصغى له سمع الدجى في صمته
همست برجفته الحروف تكلُّما
حيران يبحث عن وميض عابر
ليفك أغلال الضلالة والعمى
قطع الجميع لكي يواصل ذاتَه
ويرى الشقاء مع الحياة تنعُّما
ما كان تنقصه الحياةُ وإنما
يرقى لِباب الله حتى يُرحما
ظمآنَ يسري في تنهّد حرفه
و يرى سرابَ السيئات تقدما
ما راح يجري خلفها متأملا
إلا و يرجع باخعًا متألما
و يؤوب يلتمسُ السماءَ لعلها
تحنو عليه تلطفا و تكرما
قمرًا تعالى بالضراعة، بينما
بدت الخلايا من أساها أنجما
حتى جرى نسَم الهدى في صدره
والنور يسري في جوانحه دما
ليعود ذاك الطينُ نحو ترابه
لما بأصَعِدة السماءِ تيمّما
إذ حط من معراجه في قلبه
وعليه صلى دمعتين فسلما
متقدسا بالعفو يملأ كأسَه
ماءُ الرضا حتى يغادره الظما