بقلم أحمد جمعة | مصر
لم يعد هناك عزيز، إلا أنتِ، أقصد كل مقاوِمَة تتمثل فيكِ..
فإليكِ عزيزتي، وعزيزة كل عاجز يرى فيك عزة الصمود والأمل الذي بُعِث فينا من جديد بعدما أحكم دفنه حكامنا الأشاوس.. الذين لن يُكتب عنهم في التاريخ إلا ببراز أطفالك الطاهرين..
هذه المدينة التي لم تكف يوما عن الصراخ، تضحك، لكنه ضحك من فقد كلّ شيء إلا حرية التعبير عن صراخه بالطريقة التي تليق بواقع مظلم، واقع صار تمساحا فقط يتجول حرا في برك دمائكم، ثم يصير سحلية وليدة في برك خمور العدو…
هات أسنانك الصلبة من الحزن، اغرسيها عميقا في معصم العالم، اصنعي ساعة لا عقارب فيها فقط الحلم، لعل يوما قادما ترن فيه العدالة، لعله في ساعة عابرة من سُكره يفيق ضميره فيرى الناس سواء أمام رصاصة مجنونة أو قنبلةٍ مراهقة، لعل الدم النازف من جنازير الدبابات يثير فزعه فيصرخ ولو لمرة أخيرة في وجه الحرب الظالمة..
هات يدكِ ليصعد عليها اليوم وينط من على سور يأسنا إلى غدٍ بلا قتلى، أو غد تكون فيه حربٌ عادلة، بندقية ببندقية، ورصاصة برصاصة، حجر بحجر، ووردة تموت قبالتها وردة بنفس نوع المنجل وحدّته، أكثر من غد يحمل بين ساعاته البطيئة حربا عادلة لم نعد نريد..
هاتِ يديكِ، أقصد عشرة الخناجر التي رباهم في يديك القهر، نذبح بهم على عتبة بيتك الخنازير كي تبعد عنك العين، كي لا تطالك يد قذيفة حاسدة، كي تفر من شارعك شياطين الحضارة التي تحمل سلاحا وتلوح به في وجه الضعفاء، لا توفري خناجر قدميكِ، ولتكن حربا عالية يتقزم أمامها في حذائه سلامهم المزعوم..
لا تطلبي من الإله شيئا، هو لا يحب الخائفين، ولا الذين يطلبون منه أن يُنزِل إليهم من سمائه ملائكة تحمل أسلحة أبابيلية، يحب الذين ينتعلون الدم، الذين تنغرس أنيابهم في قلوب أعدائهم، وعلى صدورهم قلائد من جماجمهم، الذين يتكئون بعد حرب شاقة على أسرّة بطائنها من جثث العدو..
هذه المدينة التي لم تكف يوما عن الصراخ، ستضحك، لكنه ضحك من امتلك كل شيء، فصار الضحك أدنى درجة من درجات التعبير عن حرية الصوت..