دور الأزهر الشريف من التأسيس إلى التقليص

د. طارق حامد | أكاديمي مصري

حينما بني المعز لدين الله الفاطمي الجامع الأزهر و سماه الأزهر نسبة إلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبة إلى الدولة الفاطمية في بلاد المغرب والتي كانت تسمى بالدولة العبيدية الشيعية الباطنية الإسماعيلية وكان مقررا ان تدرس المذاهب الشيعية في الأزهر الشريف ونشر هذه المذاهب في ربوع مصر وظلت تدرس في الأزهر قرابة المئة عام حتى جاء صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله تعالى – فأنهي الوجود الشيعي في مصر بالقضاء علي الدولة العبيدية الباطنية المسماة في مصر باسم الدولة الفاطمية وعاد الأزهر الشريف إلى ربوع السنة وأخذ العلماء في تدريس مذاهب السنة مرة أخرى

 أما عن الدور التاريخي للأزهر الشريف في مصر والعالم فكان دورا بارزا في نشر العلوم الإسلامية إلى ربوع الدنيا كلها وكان له دور بارز في مقاومة الظلم والاستبداد السياسي القديم والحديث وكان علماء الأزهر الشريف يجابهون ظلم الحكام ويقاومون الظلم مع الرعية ويُذكر هنا (انتصار الإمام الخراشي) للمظلومين من الحكام آنذاك حتى صار ذلك مثلا سائرا واسما  يضرب به المثل في الاعتراض على الظلم

وفي العصر الحديث خرج علماء الأزهر الشريف في الثورات ضع الاحتلال الفرنسي وضد نابليون بونابرت وكليبر وقادة الحملة الفرنسية المحتلة الصليبية على مصر سنة 1798 ميلادية وقاوم هذا المحتل الغاشم وكان من أمثال هؤلاء العلماء الأجلاء الشيخ عمر مكرم والشيخ السادات وغيرهم من العلماء الأجلاء في الأزهر الشريف وكان من قام قتل الجنرال كليبر كان طالبا من سوريا يدرس في الجامع الأزهر وهو سليمان الحلبي.

وعلماء الأزهر وطلابه هم من فجَّروا ثورتي القاهرة الأولى والثانية حتى خرج المحتل الفرنسي من مصر عام 1801 ثم كان للأزهر الشريف دورا بارزا في حركة النهضة العلمية في عهد محمد علي باشا بابتعاث رموز الأزهر إلى باريس لدراسة النهضة الفرنسية هناك وكان ممن ابتعث الشيخ رفاعة الطهطاوي

 وكان القضاة الشرعيين في مصر في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بدور بارز في الأحكام الشرعيه ومجابهة القانون الغربي وتضمينه من ضمن القضاء المصري، وشارك أيضا علماء الأزهر الشريف إبّان  الحرب العالمية الأولى في ثوره 1919وتحالف مع المؤسسة الدينية الأخرى وهي الكنيسة المصرية حيث رفعوا شعار تعانق الهلال مع الصليب وكان شيخ الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي عليه – رحمه الله – يأبي أن يحط من شأن الأزهر وكان يريد للأزهر مكانة علمية عظيمة ومكانة أدبيه كبيرة وسعي  إلى أن يكون شيخ الأزهر في مكانة رئيس الوزراء وليس تابعا لرئيس الوزراء واستقال أكثر من مرة بسبب تمسكه بها حتى جاء عبد الناصر فقام بتقليص دور الأزهر والحط من علمائه الأجلاء فجعل أكثر فترة لاستمرار  شيخ الأزهر على المشيخة لا تتخطى السنوات القليلة. وكان ممن استقال من مشيخة الأزهر بسبب قرارات عبد الناصر الشيخ الإمام محمد الخضر حسين وكان تونسيا في الأصل حتى جاء  الرئيس السادات وفي عهده عاد للأزهر بعض من دوره.

وكان الأزهر المؤسسة الوحيدة التي وقفت في وجه موجات التغريب في الأزهر الشيخ الإمام الدكتور عبد الحليم محمود – رحمه الله تعالى – والشيخ الإمام جاد الحق علي جاد الحق – رحمه الله تعالى – ومازال الأزهر ولادا و مفرزا للقامات العلمية وقام بدور تاريخي في نشر الدعوة الإسلامية الوسطية الصحيحة وقام بدور تاريخي في مواجهة موجات التغريب وعلمنة المجتمع الإسلامي ومجابهة الاستبداد والظلم الواقع علي المسلمين في العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى