فلسفة البحث عن الذات في زمن التيه
يونس العموري | فلسطين
هو ضجيج العشاق، وارادة اللحظة بعد أن كان الإهمال، والارتكان لسنوات لعلها تسهم في نسيان الواقع والوقائع، وهو الإيمان بالحق بقبلة على جبين عجوزه التي ما فتأت تقهر القهر منذ أن صار الولد كهلا وربما سيبصبح هو الأخر عجوزا حفرت السنون نقشها على الوجه الجميل، وهو تمرد اشعة الشمس المشتاقة لأن تلوح جباه عشاقها … وهو من يحاول أن يكون تعويذة للحظة الفارقة ما بين الانهيار وإعادة رسم خارطة إرادة الوجود في ظل انعدام التأثير في صراع أبجديات ابن كنعان … وهو التعبير الصارخ عن تناقضات فعل التناحر ما بين فلاسفة العصر الجديد ومدارس التيه وتفسير المُفسر وجدلية الكلام غير الموزون وغير المعبر عن بسطاء الحواري … إذن هو إعادة ترسيم أرقام المعادلة التي لابد من أن تفرض ذاتها رغما وارغاما .. وهو من يحاول إعادة ايقونة صلاة الأنبياء بإمامة العربي العدناني بالمسجد القبلي بالحارة العتيقة، وهو السجود والركوع لألالم ابن البتول المعتلي للجلجلة، هو المؤمن بنقش الكلمات التي لربما ستصبح صرخة فعل، بعد أن تكون صناعة الفهم والإحساس بنبض الصراخ المستمر والمتواصل، هو الكاتب، محترف حياكة الكلمات والجمل …. هو الفقير في الحواري، وهو الجالس قبالة أرصفة المدن البلاستيكية الفاقدة للروح وللمعنى.
وبالطرف الآخر هو كبيرهم الذي تربع في وسط الحضرة ليعلمهم السحر والسحر هنا هو ممارسة الخدعة والتزيف والضحك على الذقون واستغلال الخوف من المجهول والانقياد خلف إرادة كبير السحرة والمشعوذين، وزبابينته متأهبين ينتظرون شارة الانقضاض على الحلم …
والباحث عن عنوانه المنسجم مع كينونته الإنسانية وهو القابع هنا في حواري الأحلام الضيقة، وكان إن حاول أن يتمنطق بمنطق الحق وأحقيته، واعتلي صهوة الريح وأدرك حسابات الكبار… في ظل حضرة النسيان …
في غياهب التيه نبحث عن ذواتنا وعن إجابات للأسئلة المعلقة، والحائرات مختبأت خلف كواليس الحياة خلسة، والقاعدون على ارصفة الشوارع ينتظرون القادم لعله يأخذهم إلى حيث ممارسة الصراخ دون وجل او خوف في ظل امتداد اليد السوداء الى ذواتهم للعبث بالمحرمات حيث القداسة لأصحاب المقامات الرفيعة في ظل دهاليز صناعة العروش الكرتونية المتوارية عن الأنظار لقباحة المشهد عن قرب …. بالأمس كان المشهد اكثر فهما وعصيا عن الإرباك والارتباك حيث البرق العربي النابت من صدر الشهداء والقسم بالسيف المرفوع بوجه غضب الصحراء … والجلاد يتربص بكل الأمكنة … كان الوضوح بهيا ولا يختلف عليه اثنان … واللون الابيض يتضح وضوحا بحلكة اللون الاسود ….
بالأمس كان العاشق يصرخ بوجه العتمة على باب الغياب ليؤنسه كالوطن المستحيل حيث الغربة في الاوطان عندما يصبح قوت اليوم جزء من صراع لدقائق الفعل الانساني والكل يصرخ من وجع اللحظة … وبالأمس كان المُباح قاعدة مقيدة بقوانين أهواء الحاكم وزبانية العسس الذين يتقنون فنون التلصص على خصوصية التفكير والإبداع وممارسة الحرية الفكرية ونصوص الأدب وكتابة النثر والقصيدة المسافرة بأجنحة الأمل لترسم وقائع المستقبل الذي ما كان له ان يكون ولن يكون دون النظرة الحالمة الثاقبة لجدران المنع والقمع، تلك القصيدة التي ظلت حبيسة التأوهات بزاويا المدائن التي تأن تحت وطأة الخراب، الذي يعيث فسادا بأمر منه صاحب العطايا لمن يشاء السارق بإمتياز لكسرة خبز الطفل المحروم المؤمن بأحقيته بها، ولسيدة آمنت أن لها ما لها وعليها ما عليها ولها الحق بممارسة الحياة ان استطاعت الى ذلك سبيلا وكانت أن انقهرت وتوجعت عندما شاهدت بام عينها رجلها وسيدها الشريك لها بحلم الغد مكسورا يتلظى بنار عشقه وحيدا عندما هجرته الفراشات على متن اليأس القادم المتسلل بوضح النهار الى حيث الركون والركوع والاستسلام لإرادة من كان يوما عصيا على الأسوار ملك الرذيلة وصانعها فقد كان ممنوع عليه السقوط لطالما ان تلك الرذيلة تحمل لقب اصحاب الفخامة والسيادة ….
هو الخراب الذي طال كل أركان البناء، وهو الانهيار لمعادلة التمرد واصحاح الثوار ومعول الهدم بات يطال حتى التاريخ المُسلم به والثابت والثوابت، وحوار الطرشان وتناحر سواري الرايات التي تطاولت على حساب راية الاوطان، وهو تضارب المصالح والتمركز خلف متاريس التكفير والتخوين والتحريم، وليلة بحضن دهاليز تصارع الأضاد في صياغة نظريات المؤامرة خدمة للأسياد في ظل تدافع العبيد …
والقابع في العلب السمنيتة صار جزء من صراع وتناقض السادة القادة واولي أمر النظريات الحديثة، فمنهم من اضحى مجرد رقم من ارقام حسبة الأشرار او الأخيار لا فرق فقد ضاعت حقيقة انبلاج الفجر وسط الظلمة الحالكة السواد…
وانت القاعد حيث انت تراقب المشهد ما بين الامس وقصته واليوم وبشائره وللقادم حكاية اخرى باسفار التكوين، وحيث ان الحروف تهبط عليك كونك للكتاب جامع حروفه فلابد من الاستجداء ولو قليلا في محاولة لتفكيك استعصاء الفهم الطبيعي فقد عاد المجوس الى ساحات الوغى ولابد من اشهار السيف بوجه الزنادقة واعادة الخليفة الى بيته على التلة المشرفة ولتصدح الابواق معلنة عن القدوم الجديد لأنصار الدين وولاة الله على الارض ووقطع الرؤوس بالميادين واحدة من اساليب استعادة هيبة النص الالهي الى ازقة العابثين ومن لا يتعظ فجهنم وبئس المصير …والارزاق من يتحكم بها المولى عز وجل، وهنا حيث هنا تنقلب الموازيين ويصبح أمبرطور المنصة عازما العقد على حرق المتمرد وان كان ببيت الله معتصما … وباستيلات يهوذا تعلن تمردها بكل الاتجاهات وبكل الأمكنة بعد اصبح الاهمال سيد الموقف وبعد اصبح القائد مجرد رقما في حسابات مصالح اباطرة اليوم ولا يمكنه ان يتولى مقعده في بوتقة القيادة ولا مكان لمانديلا في صياغة المشروع الوطني الجديد …
بالهرج والمرج ، وبالضحك على الذقون كانت البيعة والمبايعة، وادرك القوم انه القادم على صهوة المحبة والمنهج السليم في خبايا الخراب ، فكان التهميش مرة اخرى …
واعدوا العدة وطردوا الحالمين من يوميات ازقتهم، وتجمعوا بكل الثنايا وايقنوا ان لحظة الانقضاض قد باتت مواتية لإقتناص الغنائم بعد ظلوا مختبئين بالكهوف وقد حانت الساعة لممارسة اعتى اشكال الدهاء في فن السياسة والباطن عكس الظاهر والظاهر هو استبدال للعباءة فبعد ان كان العسس يطارودن الحالمون بازقة التغير والطامحون للأمن والآمان في البقاع المسماة بالاوطان صار الاختباء من نظراتهم سيد الموقف ومطاردة التائهة على شواطىء القبيلة.ومن جديد سنحاور ذواتنا امام شجر الزيتون في ظل الحقد على التين والزيتون وحكايا الجدات، وسنرى المشهد من جديد، ونعاود فهم ما يحدث، او بالأحرى محاولة استيعاب المفردات الجديدة بقواميس الإيمان المطلق لأمام العصر الجديد ….
وندقق النظر بعيون ذابلة ومحبطة بمشهد الفرار والهروب من وطن يُقال انه الوطن … في ظل الغزوات المبتكرة لمطاردة اللاهثين خلف شظف العيش بكرامة وحرية ….واخيرا اعتلوا ويعتلون منصة التشريع ولهم بالقول والكلام ما سيصغونه ويمطروننا به من خلال مفردات غير قابلة للنقاش او التأويل، ولا مكان للإختلاف هنا وهو ممنوع ومحرم ومن افعال ابليس ، ولا حقيقة الا حقائقكم، ولا رؤية الا كما ترونها انتم، اولستم المنتصرين حتى الأن بمعارك تطهير الجغرافية وفقا لما تعتقدون من ملحقات التاريخ الماضي والتاريخ لا يبدأ الا من خلالكم حسبما نصت عليه مزامير أدبياتكم …تعالوا نناجي الرب بحضرة الإنكسار والظلم، وان كان القهر سيد الموقف، ولا داعي لأن نمارس خداع الكلام المعسول والممزوج بدبلوماسية الكذب والتكذيب، ولنصارح فقراء ارصفة الشوارع والجوع، ومن يجوبون الحواري بحثا عن حقيقة وجودهم، وهل باتت اسماءهم وكنى عائلاتهم من مرادفات ابليس الجديد ..؟؟ …
وعذرا لشاعر قال ما قال بحضرة الرب حينما ضاقت رقعة جغرافية الوطن عليه وولى الأدبار هاربا بعتمة ليل غاب القمر ليلتها ليكون فعل الهروب ممكنا وانشد مناجيا رب وطنه والاوطان متمنيا على ابواب سنته الجديدة ان يكون للوطن معنى وان يكون لإنسانيته حقيقة يفهمها الأخر، فحينما يصبح هذا الوطن سجنا والسجان رفيق الأمس، وحينما يتحول الوطن مرتعا لممارسة العهر في وضح النهار، ومملكة لأمراء المجون، يصير كل شيء مباح، وانهيار مدماميك ما يسمى بالقيم والاخلاق والمحرمات فيه الكثير من وجهات النظر … فنيرون احب روما واحرقها، والحجاج حفظ كلام الله وقصف الكعبة …تعالوا لنقول كلمتنا بوجه التنين ولمرة واحدة وليكن من بعد ذلك الطوفان، سئمنا التحليل والتعقل وممارسة اقصى درجات الضبط والحكمة ولربما يتطلب الموقف ان نصبح المجانين بوضح النهار، ووجنون الجماهير فيه الكثير من التعقل حينما تعجز القيادات بليلها…هي كلمة للتاريخ وليغضب من يغضب، فلم يعد يهمنا غضب حفنة من الفاسدين والسماسرة وحفنة من الدراويش المتطرفين والعنصريين، فهم الحاقدون على الأفكار المبدعة المحلقة بعنان السماء … وهم من يخافون من ان يصبح الوطن وطنا فعليا للكل ومن لا يرى الوطن الا بعيون لغة الدولار والبزنس، يرتعبون من الفكر الحر، يرتعبون من قصيدة حب ومن ظفيرة سمراء ترقب سويعات الغروب على شاطىء البحر المائج أو من قصيدة صوفية تحاول مناجاة الله بعيدا عن الشهوة والملذات بالعسل الموعود وحوريات العين ….
هذه الخربشات والمفردات تأتي في ظل واقعية ووقائعية المشهد الراهن في ظل معركة الجوع وللجوع قصص يعلمها العشاق جيدا، فاعذروا لي خربشاتي يا سادة القوم وصغاره، واعذروا حزني وبكائي على الوطن الضائع المسلوب …