قصيدتان

بهجت صميدة | مصر – دمنهور

1- لِمَاذَا تَأَخَّرْتَ؟!

كُلَّمَا خَانَتْنِي يَدِي وَهِيَ تُحَاوِلُ اغْتِيَالِي

انْهَالَتِ اللَّكَمَاتُ عَلَيْهَا

وَعَضَّتْهَا أَسْنَانِي بِقُوَّةٍ

وَدَمَعَتْ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ

بَيْنَمَا تَحَوَّلَتِ الْأُخْرَى

إلَى رَشَّاشٍ يَقْذِفُهَا بِاللَّهَبِ

*****

لَمْ أَعُدْ أَسْمَعُ صُرَاخَ الْكَوْنِ حَوْلِي

هَلْ قَامَتِ الْقِيامَةُ دُوْنَ أنْ يُخْبِرَنِي أَحَدٌ؟!

لَمْ أَعُدْ أَسْمَعُ إلَّا أَنِيْنَ أَشْجَارِ الزِّيْنَةِ

 وَالْعَصَافِيْرِ الَّتِي تُرَبِّيْهَا زَوْجَتِي فِي الْبَلَكُوْنَةِ

*****

أَيُّهَا الْأَصْدِقَاءُ الصِّغَارُ،

أَمَامَكُمُ الْبَحْرُ،

وَنَحْنُ خَلْفَكُمْ

اقْفِزُوا فِي الْبَحْرِ دُوْنَ تَرَدُّدٍ

حَتَّى لَو كُنْتُمْ لَا تُجِيْدُوْنَ السِّبَاحَةَ

فَهُوَ بِكُلِّ تَأْكِيْدٍ أَحَنُّ عَلَيْكُمْ

*****

هَلْ يُمْكِنُ أنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا أَعْرِفُ فِيْهِ طَرِيقَ بَيْتِي؟!

كُلَّمَا فَكَّرْتُ فِي ذَلِكَ أَصَابَنِي الْفَزَعُ

وَزَرَعْتُ أَشْجَارًا فِي الطَّرِيْقِ

رُبَّمَا يَوْمًا تَدُلُّنَي عَلَيَّ

*****

كُنْتُ أَسْمَعُ تَغْرِيْدَ الطَّمْيِ

لَكِنَّ أُذُنِي الآنَ يَمْلَؤُهَا النَّقِيْقُ

لِدَرَجَةِ أنَّنِي أَسْمَعُ الْأصْوَاتَ فِي أُذُنِي

وَضَحِكٌ يَقُوْلُ لِي:

أَصْبَحْتَ ضُفْدَعَةً!

*****

لَمْ أَتَكَلَّمْ،

لَكْنَّ وَجْهِي كَانَ كَفِيْلًا

أنْ يَخْرُجَ لِي أَبِي مِنَ الْمَقَابِرِ

وَيَصِيْح بِي: لِمَاذَا تَأَخَّرْتَ؟!

***

2- فِي مُوَاجَهَةِ الْقُبْحِ

أَحْتَاجُ رُبَّمَا لِأَلْفِ عَامٍ

كَيْ أُخْلُصَ مِنْ دَمِي سَلِيْمًا

خَالِيًا مِنْ نُدَبِ التَّارِيْخِ وَالْجُغْرَافِيَا

تِلْكَ الَّتِي نَشَرَتْ كُلَّ تِلْكَ الْجُثَثِ

الَّتِي أَدُوْسُ عَلَيْهَا كُلَّ صَبَاحٍ فِي طَرِيْقِي لِعَمَلِي

لَمْ أَعُدْ أَتَذَكَّرُ مُنْذُ مَتَى صَاحَبَتْنِي هَذِهِ الْيَدُ

الَّتِي أَمْسَحُ بِهَا دُمُوْعَ الثَّكَالَى

وَأَضْرِبُ بِهَا الْجُثَثَ عَلَى مُؤَخِّرَاتِهَا

لَمْ أَعُدْ أَتَذَكَّرُ أَيْضًا مَنْ فَتَحَ رَأْسِي

وَصَبَّ فِيْهَا الشِّعْرَ

وَجَعَلَنِي قَادِرًا عَلَى اخْتِرَاقِ الْجُلُوْدِ

بَحْثًا عَنْ حَقِيْقَةِ الْبَشَرِ

مَنْ أَثْقَلَنِي بِكُلِّ هَذَا الْجَمَالِ

وَقَدْ كُنْتُ خَفِيفًا أَحْفَظُ الْقُرْآنَ

وَأَمْنَحُ الطَّيِّبِيْنَ قَلْبِي

غَيْرَ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَمْنَحُنِي قَلْبَهُ

رُبَّمَا وَجَدُوا قَلْبِي أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ

 

مِنْ أَنْ تَسْتَقِرَّ فِيْهِ قُلُوْبُهُمْ

مَا أَتْعَسَ الْقَلْبَ الَّذِي يَمْلَأُ الْقُلُوْبَ

وَلَا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَمْلَأَهُ قَلْبٌ!

حَاوَلْتُ أَنْ أَكْتَفِيَ بِكِتَابَةِ بَعْضِ الْقَصَائِدِ

وَنَشْرِهَا عَلَى صَفْحَتِي عَلَى “الفيسبوك”

لَكِنَّهَا كَانَتْ تَخْتَرِقُ حِسَابِي

لِتُشَكِّلَ قَصِيْدَةُ جَدِيْدَةً

مُغَلَّفَةً كَالْعَادَةِ بِدَمِ التَّارِيْخِ

أَخْبَرْتُهَا ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّنِي لَمْ أَعُدْ لَائِقًا لَهَا

فَقَدِ اشْتَعَلَ الشِّعْرُ شَيْبًا

وَأَصْبَحَ الْقُرَّاءُ لَا يُبَالُوْنَ بِالشِّعْرِ

فَاحْتَضَنَتْنِي طَوِيْلًا وَبِقُوَّةٍ

حَتَّى نَزَّتْ مِنْ ضُلُوعِي بَعْضُ الْحُرُوْفِ

فَتَبَسَّمَتْ قَائِلَةً: هَا هِيَ ذِي إنَّهَا لَنْ تَتْرُكَكَ

وَأَنَا أَيْضًا لَنْ أَتْرُكَكَ!

الْحَقِيْقَةُ يَا سَيِّدَتِي

أَنَّنِي أَمْشِي عَلَى رَصِيْفٍ مِنَ الْكَلِمَاتِ

تَطِيْرُ فَوْقِي الْقَصَائِدُ

وَكُلَّمَا اشْتَهَيْتُ قَصِيْدَةً نَزَلَتْ إلَىَّ

 

 

لِآكُلَ بَعْضًا مِنْهَا

ثُمَّ تَطِيْرُ فَوْقِي لِتَحْمِيَنِي مِنْ ثَرْثَرَاتِ الْبَشَرِ

أَصْبَحْتُ أَقَلَّ قُدْرَةً عَلَى احْتِمَالِ الْحَدِيْثِ

مَعَ الْأَشْخَاصِ الَّذِيْنَ لَمْ يَغْسِلُوا قُلُوْبَهُمْ

يَوْمًا بِالْحُبِّ أَو الْفَنِّ

أَشْعُرُ أَنَّ هَذِهِ الْجُثَثَ مَا كَانَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْقَبْرِ

فَإذَا وَجَدْتِ نَجْمَةً تَضْحَكُ فِي السَّمَاءِ

فَاعْلَمِي أَنَّهَا أَنَا

بَعْدَ أَنْ دَفَنْتُ عَدَدًا مِنَ الْجُثَثِ

الَّتِي اعْتَرَضَتْ طَرِيْقِي طُوَالَ النَّهَارِ.

          ******************

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى