بقلم: أحمد البدري
(1)
لأننى أعشق الغناء حتى البكاء. داهمنى صوتها. أطلق سراح عصفورى المقيد بخلجاتى وبزقزاقاته أضاء ظلمتى المستبدة.. بحمرته القانية شيَد جناحيه عش أسكننى فيه…تركنى وحيداٍ بلا رحمة..لم أطل البحث فى وحدتى. هادنى تفكيرى إلي تلك الوسادة المشبعة بالجفاف والأحتقان حيزاً من حزنى زاحم رأسى.. النعاس وعصفورى تنازعا إمتلاكى. تحطمت روحى مابين هذا المستبد بجيوشه وبين ذاك المارق عن جسدى.. احتشد الخوف داخلى محطماً ماتبقى من نور بعيونى. تحولت الأشيئاء إلى سواد حالك حولى.. لم أقاوم كثيراً..استسلمت..ارتعش جسدى محموماً.. اخترقت قدمى السرير ثم إلي الفضاء.. نظرت حولى كانت الشرفة مازالت مفتوحة.. الشمس تجثم على صدرى لكن لونها أحمر قانى.. مازالت هى تردد نفس ال أغنية، لكن لم أستطع البكاء هذه المرة .
(2)
أسراب الطيور تحط وترحل، تجد السكينة والراحة فيها، تتزود بما ينقصها بعد رحلة شاقة وطويلة..العاصفير ترقص وتغنى حولها، لاتجد الأمان إلابين جنباتها..قطرات الندى تتساقط على أوراقها كانها حبات لؤ لؤ منثور..ثمارها اليانعة تتدلى من الأغصان، وكانها قرط بديع الصنع والألوان يتدلى من عروس ليلة زفافها. عبق شذها يسكر الجميع. تتوسط قريناتيها ملكة حولها الحشم ،تداعبها نسائم الهوى ونظرات العيون؛فترد بابتسامتها الحانية ورقصاتها المتفردة الهادئة؛ فتتساقط منها أجودثمارها. تحتشد الجموع عشقاً وهياماً بما تمنحه من حب وسعادة..تمتد الايادى اليها،تلتقط ما تشاء. تستمر فى العطاء.. أنتشر خبرها؛ تسابق الجميع فى الوصول اليها بغية طلب المزيد . الجميع حاول اختراق ودك حصونها لمنيعة، لكنها كانت حصينة رغم انفتاحها؛ فهى لم تتخل عن جذورها بعد..كان يراقبها منذ زمن .يرويها من دمائه وروحه. يصحو كل صباح، يغزل من شمس الضحى حلة جديدة تاجا لها..تسكن عيونه فرحة وطمأنينة كلما عانق عبقها..يلقي نظرة ولهة ويرحل.