سَقَطَ القِناعُ… مَرَّةً أخرى
شعر: سمير عبد الصمد
في عام 1983 كتب الشاعر محمود درويش مجموعته الشعرية “مديح الظل العالي” حاملةً رُؤيةَ الشاعرِ التي تجاوزت حَدَّ زمانِه.قال فيها:
سقطَ القِناعُ عن القناع،
لا إخوةٌ لك، يا أخي،
لا أصدقاءُ، يا صديقي،
لا قلاع، لا الماءُ عندك،
لا الدواءُ ولا السماءُ
أما أنا فأقولُ:
سَقَطَ القِناعُ عن القِناع
لا أصدقاءَ ولا قِلاع
***
لا الماءُ عندَكَ لا الدَّواء
لا لُقمَةٌ تَكفي الجياع
***
ياحَبلَنا السُّريَّ، طُهرُكَ
نَازِفٌ حَتَّى النُّخاع
***
درويشُ قد ضاعَ الكلام
وهُراؤنا الشِّعريُّ ضاع
***
درويشُ أتعَبَنا الأسى
وتَشَرذَمَت كُلُّ البقاع
***
ذُبِحَت قَوانينُ السماءِ
وعاشَ قانونُ الضِّباع
***
يا أيُّها الغَزيُّ قاوم
وَلَّى أوانُ الانصياع
***
اذهَب وربَّكَ قاتِلا
واحسِم مَيادينَ الصِّراع
***
فالقاعِدون تَمترَسوا
يَستَمتِعونَ بِما يُشاع
***
بأنَّكَ المَأسورُ والمَأزومُ
والمَكسورُ في شَتَّى البِّقاع
***
وبأنَّكَ المَجروحُ والمَقتولُ
وبأنَّكَ المُلكُ المُضاع
***
سَقَطَت ذِراعُكَ لا تَقِف
اصبِر بِقَدرِ المُستطاع!
***
جَمِّع هُمومَكَ وانطلِق
واحمِل عَصاكَ بلا ذِراع
***
أَغمِض عُيونَ مُكابِرٍ
فَزَمانُنا زَمَنُ الضَّياع
***
اصمِت فَصَمتُكَ لاذِعٌ
في غَزَّةٍ سَقَطَ القِناع
***
اصمِت لآخرِ مَرَّةٍ
وسَيَنتَهي كُلُّ النِّزاع
***
يَأتونَ عُشَّاقَ الحياةِ
يُغادرونَ بلا وَداع
***
لا تَلتَفِت للمُرجِفين
إنَّهم سَقَطُ المَتاع