العقلية العربية والنشأة على رفض الآخر
سمير حماد| سوريا
العقلية العربية تربت على رفض الآخر, كل منا يتحسس مسدسه لمواجهة الشخص المختلف, هكذا تربينا في مدارس التلقين, والحفظ.. يُريبنا ويخيفنا, كل من لا يشبهنا, وتدور حوله دوائر الشكّ والتخوين والتشكيك, وصولا الى التكفير تمهيداً للقتل.. رحم الله ابن رشد حين قال (أكبر عدو للإسلام, جاهل يكفّر الناس) والنتيجة إنه طرد من الأندلس, وأحرقت كتبه, فحمل مخلاته ورحل إلى المغرب منفياً, وهو يردد (جميعكم تضحكون عليّ لأنني مختلف, وأنا أضحك عليكم لأنكم متشابهون). لقد سقط مكفروه ومزندقوه وملحدوه, من ذاكرة التاريخ, وبقي هو مخلّداً إلى الأبد..
كم نتقن فن إخماد الإشراقات, وإطفاء مشاعل التنوير، وصناعة التاريخ الدموي، لقد قتلنا بدم بارد, السهروردي والحلّاج, وابن رشد, وابن الفارض, ولسان الدين ابن الخطيب, وابن المقفع, ومحمد عبده, وطه حسين, وفرج فودة..
أطفأنا مشاعل التنوير العربي، وأضعنا جهودهم…لتحلّ محلهم, ألوية سوداء, وتاريخ أسود ملطخ بعار الجريمة، يرفعها دواعشة العصر, والقاعدة والنصرة وبوكو حرام, الذين صنعتهم أمريكا على عينها وأتباعهم في كل مكان.
ملعونٌ في دين الرحمن: مَن يخنق فكراً، مَن يرفع سوطاً، مَن يُسكت رأياً، من يبني سجناً، من يرفع راياتِ الطغيان. ملعونٌ في كلِّ الأديان: مَن يهدرُ حقَّ الإنسان، حتى لو صلَّى أو زكّى وعاش العمرَ مع القرآن.