يا عمر من بعد حصبة قصدي كورونا

أ.د. أحمد علي دنقل | أستاذ الوراثة الجزيئية

من مأثوراتنا القديمة: يا عمر من بعد حصبة وياعين من بعد جدري. كانت فيروسات أخطر من كورونا، وكانت تحصد أطفال كثيرين، ومن يسلم من الجدري ويكتب له الحياة ربما يترك له عاهة وهو فقد إحدى عينيه، ويطلق عليه الأعور ، لأن الطفح والقروح في التي تصيب المريض يمكنها أن تطال العيون وتتسبب في تفريغها ويفقد إحدى عينيه أو الأثنين معا. لذا كانت نسبة كبيرة ممن ينجو من الموت ربما يفقد أحد عينيه، ومن ينفخ ربنا في صورته وينجو من ذلك فهذا من عند الله.

وقصة الفاكسينات أو اللقاحات مع الفيروسات بدءت مع الطبيب إدوارد جينر، جراح بريطانى، في عام 1796 وبمحض الصدفة اكتشف لقاح مرض الجدرى، بل يعود الفضل إليه بإعلان منظمة الصحة العالمية انتهاء الجدري نهائيا ولم يعد تشريط الأطفال كما كان في الماضي.

كيف قادت الصدفة إدوارد جينر لاكتشاف اللقاح؟

عندما إليه ذهبت فتاة تدعى سارة نيلمس من حالبي الأبقار – قبل العمل بالحلب الآلي كما هو الأن- لإجراء عملية فسألها هل سبق لك الأصابة بالجدري. فأجابت لا لم أصب ولكني أصبت بجدري الأبقار cow box. فأدرك أن الفتاة اكتسبت مناعة من جدري البقر الذي لم يكن خطيرا ضد جدري البشر الخطير small box. فقام بتجربة بنقل عدوى جدري البقرالى طفل عمره 8 سنوات. فأصيب به، ثم بعد فترة نقل له عدوى جدري البشر فلم يصب به. ومن هنا حدث اكتشاف لقاح الجدري والذي واجه به الطبيب في البداية موجة انتقادات لا أخلاقية لتجريبه على الطفل ولم يقبلوا ورقته البحثية.  ولكن تقبله العالم فيما بعد وكرموا ذلك الطبيب عن اكتشافه اللقاحات الناجحة.  وبعد ذلك بدء العلماء في البحث عن لقاح ضد فيروسات شلل الأطفال والحصبة والكبد الوبائيB التي تمنع حدوث العدوى طوال العمر. لذا هذه الفيروسات مرشحة للانتهاء عالميا شأنها شأن الجدري. لكن هناك لقاحات يستمر مفعولها قرابة العام فقط مثل الأنفلونزا، أو فترات قليلة مثل سعار الكلب وهذه الفيروسات مستمرة مع البشر.

لكن هناك فيروسات وقف العلم مكتوف الأيدي أمامها مثل الكبد الوبائي C والإيدز وايبولا وأخرى. ومازال البحث العلمي مستمر لإيجاد لقاح يوقف انتشارها.

هل ينجح العلماء في اكتشاف لقاح لفيروس كورونا. وإذا نجح في ذلك، هل يكسب اللقاح الجسم مناعة مستديمة مثل الجدري والحصبة مثلا ويبشر بانتهاء العدوى، أم يكون موسمي مؤقت مثل الأنفلونزا العادية. ومعنى ذلك أنه سيستمر ولن ينتهي نهائيا مثل الأنفلونزا الموسمية، أم يظل بدون لقاح، وهذا لا نتمناه ودعائنا أن يخرج علينا لقاح يؤدي إلى اختفاءه نهائيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى