القبو.. قصة قصيرة
فريال قاصم | سوريا
أستلقي إلى جوار زوجي:
-ما زالت عيني ترف.
-أنت تخشين الفرح..
-أكاد لا أصدق أني سأترك هذا القبو المظلم الرطب، سأتحول إلى منزل..تدخله أشعة الشمس..
رحت أثرثر بأحلامي وحدي، فشخير زوجي يشي بأنه غط في نوم عميق،
أمطار خريفية في الخارج وأحلام كل الفصول في رأسي..
يلقي النعاس ثقله في عيني ليسكت ضجيج أفكاري..
لا أعلم كم مر من الوقت عندما بدأ طرق الباب. بصعوبة أفتح عيني… ليس حلما، الطرق يشتد..تحول إلى ركل الباب.
نهضت بسرعة، لم أستطع تجاوز باب غرفتي فقدماي ثقيلتان، خذلتاني إلى هذا الحد، وقفت أسوي غطاء رأسي وألف جسدي بعباءة ، أمسك طفلاي بطرفيها .
كالسهم قفز زوجي نحو الباب:
– من هناك؟
– افتح!..أمن
قلبي يخفق بسرعة، أشعر أن صدري سينفجر،
دخلوا
– أنت سامر سامر؟
-أجل .
بهمجية توزعوا بالمنزل، عاثوا فيه فسادا، لا أعلم عما يبحثون.
هي دقائق أكاد أفقد فيها وعيي .
اقتادوه وسط ذهولنا.
سقط جسدي مني في شبه إغماء إلا أن بكاء أطفالي أعادني.
ابني بلل ثيابه وابنتي ترتجف بشدة. أتماسك لأجلهما دون أن أفهم ما يجري..
بسرعة اكتشفت أني أخطأت عندما استنجدت بأخي الذي قاطعني سنوات لأجل قطعة أرض ورثتها عن أبي، رد شامتا:
– ما شأني أنا ؟ اقلعي شوكك بيدك..
كاد النهار ينتصف عندما عاد سلفي الثري البخيل الذي تكفل بمتابعة الموضوع، يخرجني من دوامة أسئلة ويلقي بي في أخرى.
– تهمة سياسية..
ألطم خدي..أضرب صدري ..
– يا ويلي..أي بؤس هذا؟ ما لزوجي والسياسة؟
زوجي الرجل النحيل الشاحب ذو الشعر الأببض، لا يهتم إلا بعمله ..هو متذمر من فقره نعم، ناقم على المجتمع والحكومة صحيح..لكنه لايفقه بالسياسة..
قاطعني:
– هناك حل..يجب أن نتصرف بسرعة قبل أن يحال على القضاء..لي صديق يده طائلة ..يستطيع حل المشكلة.
– ماذا تنتظر؟
– المال؟ الموضوع باهظ التكلفة.
المال! الماااال ..تدور بي الأرض..كل شيء يدور..صورة زوجي، أطفالي، جدران منزلنا الرطب المظلم تدور..
المال موجود، لقد بعنا منزلنا وقطعة الأرض لنشتري منزلا صغيرا ينقذ طفلتي من الإصابة بالربو.
صوت داخل رأسي يهمس
-إياك أن تفرطي بالمال! إنه الحلم ..إنه منزل جديد. إن خسرته فلن تخسري حلمك فحسب بل سيصبح هذا القبو الرطب المظلم حلما..لو خيرت زوجك لاختار التضحية بحريته لشراء المنزل
ماذا لو كنت مكانه؟ هل كان سيتركني في السجن؟
ويحي! ما كان ليتردد لحظة في اختيار حريتي.
أي شقاء ألم بي؟ أي تعاسة؟ أي مقصلة أجهزت على أحلامي؟
خجلت من أطفالي عندما سألوني بأسى
– متى يعود بابا؟
اتخذت قراري..
– غدا إن شاء الله سيعود.