قراءة نقدية لقصيدة (موسى زمانك) لمحمد البكري   

د. أيمن العوامري |باحث وشاعر وناقد مصري

أتناول في هذه السطور قصيدة جميلة ممتعة ماتعة لشاعر مصري رقيق حالم؛ هو الشاعر محمد أحمد البكري؛ وهو باحث ولغوي وشاعر مصري له إنتاجه اللغوي والأدبي المتميز، وقبل الشروع في تحليل النص والكشف عن مكنوناته وخوافيه أترك القارئ في رحاب الأبيات الجميلة لهذا النص المشرق بالإبداع وفيوضات اليراع؛ يقول الشاعر:

مِثْلَ القَطاةِ قضَيْتَ العُمْرَ مُرتحِلًا
سرَيْتَ تَحمِلُ في يُمناكَ مِحبَرةً
خلَّيْتَ أهلَكَ عند الطُّورِ مُقتفِيًا
قُلتَ: امكُثوا.. سوف آتيكم بجَذْوَتِها
تَبِعتَ حَدْسَكَ في البَيْداءِ تَحرُثُهُ!
ما كانَتِ النارُ يا موسى زمانِكَ؟ هَلْ
ما كانَتِ النارُ يا موسى سِواكَ! وما
لَمْ يَصْطَلِ الأهلُ! لَمْ تَرْجِعْ لقَوْمِكَ! بَلْ
خلعتَ نعلَيْكَ في الوادي؛ أضعتَهما
وجُستَ بين ديارِ التائهين طُوًى
فعُدْ إلى الطُّورِ لملِمْ شَعْثَ أمنيَةٍ
واضرِبْ عصاكَ تَشُقَّ البحرَ مُهتديًا
وادخُلْ إلى الأرضِ بالألواحِ مُرتجِلًا
واضمُمْ إليكَ جناحَيْ رَهْبةٍ أمَنًا
عَلَّ الوداعَ الذي تَشقَى به زمَنًا

 

لم تَلتقِطْ مُذْ عزمتَ السَّيْرَ أنفاسَكْ
 للأمنياتِ.. وفي يُسراكَ.. قِرطاسَكْ
 نارَ الوداعِ عسى تَهديكَ إيناسَكْ
 كيما أنالَ الهُدَى.. هل رُمْتَ أقباسَكْ؟
 أكانَ حَدْسَكَ.. أمْ هَلْ كانَ وَسْواسَكْ؟
 أدمَنْتَ جَمْرَتَكَ الأولى وإحساسَكْ؟
 كانَ النداءُ سوى وَهْمٍ سقى راسَكْ!
 أوشكتَ تُعلِنُ عند الصُّبْحِ إفلاسَكْ!
 وَسْطَ الرمالِ.. طمَسْتَ اللَّيْلَ نِبراسَكْ
 خلفَ الظُّنونِ.. فخانَ السَّهْمُ أقواسَكْ
 واستَبْقِ حُلمَكَ.. طلِّقْ في المدى ياسَكْ
 واسقِ العِطاشَ إذا ما استعذبوا كاسَكْ
 واعجَلْ إليكَ تَجِدْ في النَّفْسِ ألماسَكْ
 تَلْقَ الجُيوشَ التي أعيَتْكَ: حُرَّاسَكْ
 ينفكُّ عنكَ.. فتُلفي فيكَ أعراسَكْ

 

وفي عملي التحليلي لهذا النص سيكون التناول على عدة محاور:

المحور الأول: الموسيقى:

أولًا: الوزن:

تنتمي القصيدة إلى بحر (البسيط) بوزنه المعروف (مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن)، يشارك الطويل والمديد في (دائرة المختلف)، رأى بعض الباحثين أنه قريب من الطويل ولكنـه لا يتـسع لأغراض كثيرة مثله ولو أنه يفضل عليه من حيث الرقة(1)، وقد علل الخليل الفراهيدي تسميته بانبساطه عن مدى الطويل، وجاء وسطه فعلن وآخره فعلـن(2)، ولا يخفى ما في البسيط من سباطة وطلاوة وكونه أكثر رقة وعذوبة من الطويل؛ حتى إن الشعراء منذ القدم أكثروا عليه التوليف والرصف والتصنيف، والبسيط له مزية أخرى؛ وهي كونه بحرًا راقصًا يتسم بجلجلته العالية وبتغير أمواجه بين الارتفاع والانخفاض من خلال تفعيلتي (مستفعلن) و(فاعلن) اللتين تشعرانا بحركة جمل يبرك أو ينهض… ومن ثم فالبسيط لا يخلو من ازدواجية الشدة والرخاوة؛ وهو في رأيي أصلح البحور للتعبير عن مشاعر الانكسارات الكبيرة المؤلمة التي تتأجج بها النفوس والأرواح المرهفة، وقد أحسن شاعرنا أيَّما إحسان أن وضع كلماته العذبة في هذا البحر المناسب تمامًا للجو النفسي للنص الذي يعبر فيه عن محاولات كثيرة وحثيثة لمساعٍ دائبة وإخفاقات وإحباطات متوالية يرجو في نهايتها أن يرى فجر النجاح والأمل والإشراق…

أكثر شاعرنا من زحاف الخبن الذي يمثل هنا انقباضات شعورية كموجات من آلام ومواجع ذكريات ألحت على مخيلته إبان النظم، وانعكست على التفعيلات تقبض فيها وتبسط…

 

ثانيًا: القافية:

جاءت القافية مؤسسة بألف التأسيس التي تمثل اتساعًا ورئة يتنفس فيها الشاعر ومستراحًا وظلًّا وارفًا يتفيؤه، وكأنه زفرة يخرجها الشاعر قبل أن يتوقف نزف الكلمات ويكبح جماحها الروي المقيد..

وجاء الروي على حرف الكاف وهو حرف شديد مهموس يؤكد رقة الشاعر وعذوبة مشاعره، بيد أنها شديدة متأصلة في نفس نقية حالمة…

وكان الروي مقيدًا ليعبر عن أحلام مبتورة لم تكتمل، إلى جانب صوت (آسك) المقطوع من (آساك) الذي يتردد عبر الأبيات معبرة عن التعزية وطلب العون والمواساة، وكأن هذا الصوت عبارة عن يد تربت على كتف الشاعر طوال رحلتك الشعرية على امتداد النص… كما أن هذا الروي الكافي الخطابي يعبر بصدق عن شعور المواجهة مع الذات…

المحور الثاني: العبارات والتراكيب:

هناك مفردات وتراكيب مهمة ذات دلالات وإيحاءات مهمة في خريطة هذا النص الماتع؛ يمكن إجمالها فيما يأتي:

-اختيار (القطاة) موفق جدًّا؛ لأنه طائر رحال مهاجر لا يستقر؛ ومن ثم ففيه ما فيه من الرمزية والإشارة إلى حال الشاعر؛ فكان هذا اللفظ الواحد يسد مسد عبارات كثيرة وفقرات…

-اختيار (موسى) في النص وما يعبر عنه من قداسة وطهر ونقاء، علاوة على التيه والألم.

-هناك مناسبة بين (القطاة وتلتقط) و(محبرة وقرطاس)، ومفارقة بين (اليمنى واليسرى) كان لها وقع الجرس الموسيقي اللافت للانتباه، وهذه المناسبة وتلك المفارقة تشيان بأن الشاعر أديب كاتب رأس ماله تلك الصناعة التي كسدت في دياره؛ فارتحل إلى ديار أخرى؛ كيما يجد عندهم تقديرًا وتحقيقًا لأحلامه، لكن يبدو أن الأحلام لم تتحقق على الوجه المرجو؛ إذ دائمًا هناك بون شاسع بين الواقع والمأمول…

-قوله: (نار الوداع) تعبير غامض في موضعه، ولعل الأنسب (نيران حلمٍ)؛ إذ حرقة الوداع وألمه لا يُقتفى عادة؛ لأنه مما يثير المواجع والآلام… ويؤكد ذلك أن النار بمفرداتها ومرادفاتها وردت في النص بمعنى الحلم والأمل المنشود؛ كما في قولك: (جمرتك الأولى)، كما أنك قد وصفت -وهذا حق- الوداع بالشقاء قولك: (الوداع الذي تشقى به).

-قوله: (ما كانَتِ النارُ يا موسى سِواكَ!) هنا اكتشف الشاعر أن حلمه وطموحه هو مشكلته الأساسية، كما أن سعادته تنبع من ذاته إن استطاع ان يبني عالمه بواقعية وأساس من التخطيط السليم والاستعانة بالله؛ وذلك في قوله: (فتُلفي فيكَ أعراسَكْ)، (واعجَلْ إليكَ تَجِدْ في النَّفْسِ ألماسَكْ).

-قوله: (الألواح) تعبر هنا تعبيرًا رمزيًّا؛ فما زال الشاعر يدور في حلقات مفرغة؛ إذ ما زال يعتقد أن (الألواح = الشهادات) ستجعل له مكانة سامقة بين قومه؛ وهي نظرة بريئة للحياة التي قست على الجميع… وهناك إشارة إلى أهمية التواضع بعد تحقيق الأحلام والإنجازات يشير إليه قوله: (مرتجلا).

-هناك شبه مناسبة بين (البحر واسقِ)، ومناسبة كاملة بين (اسق، وكأس).

-قوله: (يا موسى سِواكَ!) إنما يستقيم المعنى بتقدير مضاف؛ أي: (سوى حلمك).

-قوله: (خلعت نعليك) لا يوحي بطهارة وقداسة الأرض بقدر ما يوحي بسذاجة الشاعر وبراءة تفكيره؛ فلم يتزود بأدوات تصلح مع مجتمع برجماتي بامتياز كالمجتمع المصري….

-قوله: (وسط الرمال) تعبير جميل جدًّا يوحي بالفراغ والخواء، وعبثية السعي الذي لا طائل من ورائه؛ إذ ليس هناك سوى الرمال… ويشبه ذلك قوله: (خلف الظنون)؛ إذ لا يقين ألبتة، بل هي محاولات وظنون…

-لم يستطع الشاعر أن يقدم حلولًا لمشاكله سوى ما يظنه في (الألواح) التي لا أظنها تجدي مع قوم عبدوا العجل، وتشربت وتشبعت به أنفسهم…

 

المحور الثالث: الصور والأخيلة والبديع:

شبه الشاعر نفسه في النص بالقطاة من خلال التشبيه المرسل المفصل(3)، ثم شبه نفسه بموسى من خلال الاستعارة المكنية مستندًا إلى التخييل في كاف الخطاب العائدة على الشاعر نفسه في قوله: (زمانك)، والكاف نفسها وما تمثله من الخطاب تعبر عن أسلوب التجريد(4)، قوله: (خان السهم أقواسك) صورة ليست جديدة على أن الشاعر أحسن توظيفها من خلال إفراد السهم وجمع القوس؛ ما يشي بوحدة الهدف وتعدد الطرائق والوسائل للوصول إليه…

قوله: (الجيوش) استعارة تصريحية أصلية شبه الشاعر مصاعبه المتعددة الكثيرة التي عاقت طريق تقدمه من أناس وغيرهم بالجيوش، وحذف المشبه وصرح بالمشبه به، وفي التشبيه بالجيوش كنتية عن قسوة تلك المصاعب وما فيها من وخز بالحديد المدجج به الجيش، وما في حروف الجيم والياء من الجهر والشدة علاوة على التفشي في الشين كل أولئك عبر عن القوة والصلابة والذيوع والانتشار؛ حتى كأننا نرى الجنود وقد انتشروا وجاسوا خلال القصيد…

المفارقات متنوعة في النص؛ ومها: (لملم- استبقِ)، (حدسك – وسواسك)، (يمناك – يسراك)، والتجنيس بين (السير – سريت) وكلها ألوان بديعية وظفها الشاعر ببراعة؛ ما أضفى على المعنى والموسيقى الداخلية ثراء ووفرة وغنى…

المحور الرابع: المعاني:

المعاني كلها جاءت خادمة تابعة لفكرة النص وتدور في فلك الاغتراب والقداسة والطهر والمعاناة، استعمل الشاعر المعاني الإسلامية؛ متأثرًا بثقافته الرصينة المحافظة؛ فاقتبس(5)في النص كثيرًا من الآيات القرآنية؛ ومن ذلك قوله: (خليت أهلك عند الطور)(6) ، (سوف آتيكم بجَذْوَتِها كيما أنالَ الهُدَى)(7) ، (خلعتَ نعلَيْكَ في الوادي)(8) ، (وجُستَ بين ديارِ)(9) ، (واضرِبْ عصاكَ تَشُقَّ البحرَ)(10) ، (وادخُلْ إلى الأرضِ بالألواحِ)(11) ، (واعجَلْ إليكَ)(12) ، (واضمُمْ إليكَ جناحَيْ رَهْبةٍ)(13).

 

وعلى نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- أما التضمين فأن تجعل الشاعر في ضمن الشعر شيئا من شعر غيره، ولو بعض مصراع، فإن كان مشهورا، فشهرته تغنى عن التنبيه عليه، وإن لم يك مشهورا، فلينبه عليه خوفًا أن يظن به السرقة، بذكر ما يدل على نسبته لقائله ينظر: بهاء الدين السبكي: عروس الأفراح، (2/332، 334).

المراجع:

 ( 1) ينظر: صفاء خلوصي: فن التقطيع الشعري والقافية، ص 68.

(2 ) ينظر: ابن رشيق القيرواني: العمدة، (1/136).

(3 ) يكون التشبيه مرسلًا إن قُصِدت أداته لفظًا أو تقديرًا والمؤكد ما حُذفت اداته دون تقدير، ويكون التشبيه مفصلًا إن ذُكِر وجهه فإن حُذف فهو المجمل. ينظر: العصام: الأطول، (2/212-213)؛ بهاء الدين السبكي: عروس الأفراح، (2/101).

( 4) التجريد: هو إخلاص الخطاب لغيرك، وأنت تريد به نفسك، لا المخاطب نفسه؛ لأن أصله في وضع اللغة من جردت السيف، إذا نزعته من غمده، و(جردت فلانًا)، إذا نزعت ثيابه. ضياء الدين بن الأثير: المثل السائر، (2/128).

( 5) الاقتباس: هو عندي من المحسنات البديعية المعنوية، غير أن المصنفين ذكروه هو والتضمين مع السرقات الشعرية بجامع الأخذ في كل؛ ويمكن تعريف الاقتباس بأن يضمّن الأديب الكلام شيئًا من القرآن أو الحديث، لا على أنه منه؛ أي: غير قاصد أنه من القرآن أو الحديث؛ فيكون استعمال التركيب مقصودًا لذاته؛ لما فيه من بلاغة عالية، أما لو قصد أنه من القرآن أو الحديث فيكون فيه ما فيه من عظيم المعصية للكذب على الله -سبحانه وتعالى- وعلى نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- أما التضمين فأن تجعل الشاعر في ضمن الشعر شيئا من شعر غيره، ولو بعض مصراع، فإن كان مشهورا، فشهرته تغنى عن التنبيه عليه، وإن لم يك مشهورا، فلينبه عليه خوفًا أن يظن به السرقة، بذكر ما يدل على نسبته لقائله ينظر: بهاء الدين السبكي: عروس الأفراح، (2/332، 334).

( 6) هذا اقتباس من قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا} [طه: 10].

(7 ) وهنا اقتباس من قوله تعالى: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} [طه: 10]

( 8) وهنا يحضرنا قوله جل شأنه: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه: 12].

( 9) ونلمح هنا قوله تعالى: {بَعَثَنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} [الإسراء: 5].

(10 ) من قوله جل شأنه: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} [الشعراء: 63].

(11 ) من قوله عزَّ من قائل: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145] [ص:437].

( 12) من قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84].

(13 ) من قوله تعالى: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: 32].

المصادر:

  • القرآن الكريم.
  • إبراهيم بن محمد بن عربشاه عصام الدين الحنفي (ت: 943 هـ): الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، (دط)، دار الكتب العلمية، بيروت، (دت).
  • أحمد بن علي بن عبد الكافي، أبو حامد، بهاء الدين السبكي (المتوفى: 773 هـ): عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي، ط1، المكتبة العصرية للطباعة والنشر، بيروت، 2003م.
  • صفاء خلوصي: (1953م)، فن التقطيع الشعري والقافية، ط6، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1953م.
  • ضياء الدين بن الأثير، نصر الله بن محمد (المتوفى: 637هـ): المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، تحقيق: أحمد الحوفي، بدوي طبانة، (دط)، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة، (دت).
  • أبو على الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي (المتوفى: 463 هـ): تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ط5، دار الجيل، 1981م.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى