هذا الغيابَ الذي لا يُسمّى

عبد القادر الحصني | شاعر سوري مقيم بمصر

والغياب
خفيفٌ،
كما لو مضيتَ لتقرأ في لا كتابْ
كما لو نسيتَ
كما لو مررتَ ببال الذين تبقّتْ لأجسامهم حاجةٌ
في ارتداء الثيابْ.
****
… والغيابْ
كما لو مضيتَ إلى نزهةٍ في الضبابْ
كما لو مضيتَ بعيداً عن البيتِ،
والبيتُ ظلَّ وحيداً
وأنتَ سهوتَ عن البابِ،
لم تغلق البابْ.
****
… والغيابْ
حنين غريب ألى مَن تحبُّ،
رأيتَ الغَرَبْ؟
تصيِّف أغصانُه في مياه الفراتِ،
وتمضي شتاءً
إلى كومة من حطبْ !

أتسمعُ هذا الأنينَ المثقَّب بالنارِ كيف يسرِّح أنفاسه
في أقاصي التعبْ؟
إذاً، سمِّ هذا الغيابَ الذي لا يُسمّى
وخذه بعيداً..
بعيداً إلى حيث لا يتذكّرُ إلّا تنهُّدهُ
في مهبِّ القصبْ.
****
يا لهذا الغريبْ
وقد صار أقربَ من أنْ يُقال قريبْ
تبقّى، إذاً،
أنْ تتيحوا له أنْ يغيبْ.
****
والغياب
يحمِّل غائبَه همَّ من يقرؤون قصائدَه في غيابِهْ
فيبني حدائقه في الكماناتِ
بين السطورِ،
يسرّي ينابيعَ زرقاءَ،
أزرقُها مُشرَبٌ بعبير الصخورِ
فقد يقرؤون،
ولا يشعرون إذا اقتربوا باقترابِهْ
وتدمع عينا حبيبتهِ،
فتظنُّ إذا غاب غابتْ يداهُ،
ودمعتها هطلت في كتابِهْ!
***
تمهَّلْ،
يقول الغيابُ:
أنا في انتظاركْ
هنا،
في القريب القريبِ
بحارتكمْ،
بين أهلكَ والأصدقاءِ،
على باب دارِكْ

تمهَّلْ،
أنا عادةً لا أجيء اختياراً،
ولستُ انتظاراً،
ولا أستشيرُ،
ولا أُستشارْ
وأضحكُ،
أينَ ستقعد منتظِراً يا غيابُ؟
بظلِّ الجدارْ؟
وأين أنا سوف أُمضي ولو ساعةً من نهارْ؟
إذا كان لا أهلَ،
لا أصدقاءَ،
ولا دارَ،
لا بابَ دارْ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى