السِّرُّ الغَيْب
د. عز الدّين أبو ميزر | فلسطين
هوَ سِرٌّ غَيْبٌ يَعلَمُهُ
مَن يَمْلِكُ حقًّا هَذَا الغَيْبْ
مَا كَانَ نُبُوءَةَ عَرَّافٍ
لَمّا قَالُوا يَا مُوسَى
فِيهَا قَوْمٌ جَبَّارُونَ، وَإِنَّا
لَا قِبَلَ لَنَا بِهِمُ… فاذهَبْ
قَاتِلْ وَحدَكَ أنْتَ وَرَبُّكَ
لَن نَدخُلَهَا وَهُمُ فِيهَا
نَحنُ نَخَافُ القَوْمَ وَنَرهَبْ
مِِنْ طِينَةِ أَرضِ فِلِسْطِينٍ
قَد خُلِقَت بِذرَةُ هَذَا الشَّعبْ
لِيَكُونَ أَمِينَ الأَرضِ بِهَا
وَيَكُونَ خَلِيفَةَ هَذَا الرَّبّْ
وَنَشَاهُ عَصِيَّا وَسَيَبْقَى
بِحِسَابِ الأَرضِ الرَّقَمَ الصَّعبْ
يَتَشَبَّثُ فِيهَا، وَلَوِ ارتَحَلَ
البَعضُ لِشَرقٍ أَوْ لِلغَربْ،
أَوْ خُدِعَ وَغَرَّتهُ الدُّنيَا
فَتَهَجَّرَ طَوْعًا أَوْ بِالغَصْبْ
سَيَعُودُ عَلَى أَجْنِحَةِ ا
لطّيْرِ يَسُوقُ السُّحُبِ،
وَيَدفَعُهَا لِلأَرضِ الجَدبْ
أَوْ مٍثْلَ المَوْجِ يَعُودُ إِلَيْهَا
يَحضُنُهَا وَبِكُلِّ الحُبّْ
هُوَ مِنهَا خُلِقَ وَمُنذُ الأَزَلِ،
وَتَبْقَى الأُمَّ لَهُ وَالأًبّْ
تَتَمَثَّلُ فِيهِ كُلُّ طَبَائِعِ هَذِي الأَرضِ،
السَّهْلُ الجَبَلُ الجَدْبُ الخِصْبْ
مِن جَبَلِ النَّارِ تَوَقُّدُهُ
فِي وَجْهِ الغَاصِبِ إِن هُوَ هَبّْ
وَيَحُولُ إذَا مَا غَضِبَ
جَحِيمًا فَوْقَ أَعَادِيهِ يَنْصَبّْ
وَكَسَهْلِ الحُولَةِ تَلْقَاهُ
فِيهِ يَنْسَالُ المَاءُ العَذْبْ
وَيَكُون أُجَاجًا يَتَنَزَّى
كَبُحَيْرَةِ لُوطٍ لا تُشْرَبْ
وَأَقُولُ لِمَن قَد حَسبَ
القُوَّةَ تَقدِرُ تَحكُمُ هَذَا الشّعبْ
سَتَرَى فِي يَومٍ يَا هَذَا
كَمْ كَنْتَ غَبِيًا مَغبُونًا
أَعْمَى العَيْنَيْنِ وَأَعْمَى القَلْبْ
هَلْ يُحكَمُ شَعبٌ فِيهِ الطِّفلُ،
يَصِيرُ زَعِيمًا إِن هُوَ شَبّْ
شَعبٌ مَا سَجَدَ لِغَيْرِ الرَّبِّ،
فَهَلْ يَحكُمُهُ غَيْرُ الرَّبّْ
سِرٌّ يَجْهَلُهُ كُلُّ الخَلْقِ،
سِوَى مَن فِيهَا انْشَتَلَ،
وَيَعلَمُهُ
مَن مَلَكَ مَفَاتِحَ هَذَا الغَيْبْ