تجاعيد الماء (18)

سوسن صالحة أحمد | شاعرة وكاتبة سورية تقيم في كندا

تجاعيد الماء(18)

صدق

ذات صدق نما ما بين سماء القلب ودفء الكلمات المتلوة من إله العشق، أدركت للحظة أن شمسه لن تشرق إلا من وراء غيم، وأن عليها أنْ تحتمل عفن طقسه، ليس بيدها، فحين يلج الحب تتكسر لغة الأبواب وترمي بمفاتيحها مُستسلمة لحضور ذلك الغريب الحاضر الغائِب، من وراء سحاب يعد بهطول الصدق على أرض أتلفها الكذب، وحينَ يدخل، لابد للروح أن تتبتل لحضوره دون قيد أو شرط أو توقع أو رهان، في مخطوطات الروح لا مشروعيات ولا بنود، وحين يأذن الصدق تُلغى كل أذونات السفر، خارج مملكة لإله أعلنها عشتارًا، وإن قاربت بتلاوتها ما يشبه سواها صبّ جام غضبه وأعلن الاختلاف حدودًا لمملكته الكونية، فهي مختلفة، وهو مُختلف، باركها آلهة للحب، ونصب نفسه إلهًا وحيدًا وواحدًا للعشق.
تمر فصول، تتمازج فيها كل أحوال طقسه، وهي ما زالت تعد السحاب، سحابة سحابة، تنتظر شروق الشمس لإنقشاع سوادها، علها تتنبأ بآمال الهطول المترعة بثقل الإنتظار.
وفي وقت آخر، غبار كل ما رأت، حين نظرت باتجاه الريح، ظنا منها أنها ستحمل السحاب لأرض مهدودة بانتظار الغيث وقوس قزح، أملا بشروق تاقت إليه.
ما عادت تتضح الرؤيا، غبار فوق غبار يضيع ملامح شمس الإله لتتشابه والشموس، وماعاد يزيل العفن ويعيد للقلب الاخضرار إلا أن تتوقف عن الحلم مما قارب الأسطورة وتتقبل الفصول بما تحتوي من تقلبات مغيبة عن الروح صور الاختلاف، فكل شيء ككل شيء، ولا اختلاف إلا فيما كان منها أملا أو ما افترضته هي مختلفاً، حين انتشت بتلاوة آياته وظنت، إنما أُنزِلَ الكتاب على قلبها وحدها، وهو إنما أنزل عليها لتشقى.
لعل عليها الآن أن تكفر بهذا الإله، وتدرك أن إله العشق الناطق بالصدق، سيحتويها بأعينه فلا تخاف معه دركاً ولا تخشى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى