أدب

مُشَاكِسَاتُ تُراثِيَّةِ

شعر: محمد الشحات

مشاكسة أولى
” ضَاقَتْ
فَلَمْا اِسْتَحْكَمْتِ حلقَاتها ”
ضَاقَتْ
وكنتُ أظنُّهَا
ستزيدُ ضِيقًا
في دَمِي
فَرَفَعْتُ كفِّي
كي أكسِّرَ
ضيقَهَا
فوجدتُ سَوْطَ الْقَهْرِ
يملكُ مِعصَمِي
*”
لِلنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ ”
وإذا عَشِقْتَ القتْلَ
فَاقْتُلْ
إِنَّ مَجَدَكَ
ذاهِبُ
وإذا أردتَ الْمَوْتَ
فَاعْلَمْ
لَنْ يجيئَكَ
قَبْلَ أَنْ تَلْقَي
عُيُونَ مَنْ قُتِلُوا
لِتَعلم أَنَّ مجدَكَ زائلُ
*
” ألا لَيْتَ الشَّبَابَ يعود يَوْمَا ”
فامْضِ ضَاحَكَا
نَحْوَ الْمَشِيبِ
قَدْ عَشتُ عمريَ كلَّه
في غفلةٍ
أهوىَ الْهُرَاءَ
وَلَنْ يَجِدَّ جَديدُ
فإذا الْحَيَاةُ
تَمَرُّ خلفِي
خلسةً
فَأُعَيِّشُ طَوْلَ الْعمرِ
بلا تَجْدِيدِ
*
مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّي الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ
وَحِينَ يُدْرِكُهُ
تقضيْ الأمانِي
عَلَي مَا كَانَ
يعشَقُهُ
فَاِفْتَحْ فؤادَكَ
طَوَعَا لا رياءَ بِهِ
واجعلْ حياتَكَ
مكتوبًا
نصدِّقُهُ
*
“عَلَي قَدَرِ أهْلِ الْعَزْمِ تَأْتِي الْعَزَائِمُ”
وإنْ سَاوَمُوكَ
عَلَي شيءٍ تَجود بِهِ
فَاِجعل فُؤَادَكَ
مخليًّا منِ الألَمِ
وَاِنْعَمْ
بِريحِ كُلُّهَا أملٌ
إن الْمَكَارمَ
مَخْلُوقُ مَنِ الْكَرْمِ
*
” أَنَا الَّذِي نظر الأعْمي إلي أدبي ”
وَإِن نَظَرَنَا
فَقَدْ ضقنَا
بِمَا نَظَرُوا
مَا عادَ حلْوُ اللَّفْظِ
في لُغْة
قَدْ غَطَّهَا
القتلُ وَالتَّنْكِيلُ وَالنَّدَمُ
عَلَىَ مَا خلَّفتْهُ
بِحَوْر الشَّعْرِ مَنْ كَلِمِ

مشاكسة ثانية : سُونَاتَّا
(1)
كانتْ تحمِلُ
بعضًا
منْ أوراقِ التوتِ
وتُمسِكُ بينَ أصابِعِهَا
أوَّلَ خيطٍ
منْ شرنقةِ
القزِّ
وتحلمُ أنْ تصنعَ
ثوبًا للأعراسِ
ضاعتْ كلُّ مواسِمِهَا
ذبُلَتْ أوراقُ التُّوتِ
وما زالتْ تُمسكُ
بينَ أصابِعِهَا
بأولِ خيطٍ
منْ شرنقةِ القزِّ
(2)
كانتْ تبحثُ
عن فارسِهَا
وتغلِّفُ
بعضًا منْ أثوابِ العُرسِ
وتجْلِسُ قربَ النَّافذةِ
تحملِقُ في كلِّ المَارينَ
لعلَّ فتاهَا
حينَ يراهَا
يعرفُهَا
ظلَّتْ تنظرُ عبَر النافذةِ
عادتْ كلُّ الفرسَان ِإلا فارسُها
فعادتْ لتغلِّفَ
بعضًا منْ أثوابِ العُرسِ
وتجلسُ قربَ النافذةِ .
(3)

خارتْ كلُّ قِواي
وغطَّانِي الشيبُ
وما زالتْ بعضُ النُّسوةِ
تسْكنُنِيْ
وتُغازلُنِي
فأحاولُ أنْ أتحَاشَىَ
ما نامَ بذاكرتِي
آهٍ يا طيرَ صِبايَا
ما زلتَ تُرفرفُ
فاسكنْ فِي أعشاشِكَ
واتركنِي في شيبِي.
(4)
سقطتْ بعضٌ
منْ أشواكِ الصَّبارِ
علىَ ثوبِي
داعبَت هواءَ الغرفةِ
كيْ تتطايرَ
أو تتلاشَىَ
بعضُ مراراتِ الصَّبارِ
تمزِّقُ ثوبِي
وظلَّ الصبَّارُ
ينامُ بحلقِي.

مشاكسة ثالثة : امرأةٌ لا يعرفُ أينَ يُخبِّئُهَا
كانَ يُحاولُ
أنْ يستجمِعَ كلَّ قُواهُ
تعثَّرَ فِي مِشيتِه
تقدَّمَ .. ثمَّ تأخَّرَ
اعتدلتْ فِي جِلسَتِهَا وهىَ تُحاورُه
فحاولَ أنْ يرسُمَ صورتَهَا
مدَّتْ يدَهَا
ومَحَتْ كلَّ ملامِحَهَا
تباطَأَ
ثمَّ انْسَلَّ
ليُسْكِنَهَا في عينيه
ويتركَهَا تعبُرُهُ
كانَ يُحاولُ أنْ ينجوَ منْ أسرِ هواهُ
فأفرغَ ما كانَ يُخِّبئَه
لمساتِ أصابِعِهَا
رعشَتَهَا
رجفَتَهُ
أحرفَه حينَ يُخالطُهَا الخوفُ
ويسألُهَا هلْ تعشقُهُ
كانَ يُحِبُّ امرأةً لا يعرفُهَا
ظلَّ يُطارِدُهَا
ويُحاوِلُ أنْ يحبِسَهَا فِي أقفاصِ الصَّدرِ
فتهربُ
فيحاولُ أنْ يُمسِكَهَا
فتغافلُه وتفرُّ بلا واجِهةٍ
كانتْ تبحثُ عنْ فارسِهَا
فيحاولُ أنْ يحرسَهَا
ويعاودُ رحلتَه
خلفَ عيونِ امرأةٍ لا يعرفُهَا
ولا يَعرفُ أينَ يُخبِّئُهَا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى