أدب

ذات رحيل

هند يوسف خضر| سوريا
يوماً ما سيكون بين زمنين متعاكسين عندما يستفيق على آخر ظهور… سيبحث عنك في رحم توقف عن إنجاب الأحلام فجأة، سينظر في كومة ذكريات وبضعة صور وقبلة مخبأة فوق فنجان قهوة عند انكسار الغروب على صدر البحر …
ستغيب موسيقا ضحكاتك عن أذنيه التي عزفت على إيقاع روحه.. ستختفي صباح الخير من صباحاته الباسمة. ستصبح مساءاته خالية من طيفك..لحظة إعلان النبأ..
ستتراءى له ملامحك أينما ذهب.. سيسمع نبرة صوتك وصدى أحاديثكما فيشتعل فقدانك داخله بعود ثقاب…
ستتوارى حالاتك من مفكرته الصباحية
فرحك.. حزنك.. شجارك.. جنونك وحتى أغنيتك التي كنت تفضلها… سيكلم صورتك ويسألك معاتباً لماذا اخترت الرحيل… لماذا لم تبق لوقت أطول… سيفقد عقله ذات هذيان، سيصاب بنوبة بكاء بعد منتصف الليل عندما يفقد سهراتك..
سيحتضن الأشياء البسيطة التي قدمتها له سيحدثها يجادلها ويغغو قليلا فوق زندها.. سيعاود الاتصال بك فيسمع هذا الرقم غير موجود في الخدمة للأبد.. سيضع يده على اسمك للحذف فينتفض قلبه و يتراجع…
سيزور قبرك ويطبع قبلة على جبينك الصاعد مع الريح.. سيقترب من جسدك ليأخذ قسطاً من رائحته ويخبئها في معطفه المسائي ليشمها عند صراخ روحه … سيعود أدراجه محطم الخطوات برفقة دمعة..سيعلق آخر صورة لك على جدران قلبه عساها أن تخفف نزفه..
ماذا سيكتب شريك لحظاتك على شاهدة قبرك.. صديق المسافات أم صديق الحلم؟
ماذا سيقرأ.. بضعة كلمات كسرت أطرافها و غرقت في وجع الصمت..
ماذا سيفعل عندما يجتاح البرد عظامه في حر تموز؟
من سيشاركه حكاياته عندما يعربش الحزن على أقدام فجره؟
هل سيحلق مجدداً مع فراشات الصباح أم أنه سيرسل أنينه مع عصافير السماء؟
كيف سيقنع الأرصفة والشوارع والزوايا بأنك لن تمر منها مجدداً؟
إلى أين سيذهب من عطرك الذي نثرته على نافذة عمره؟
كان يعشق الزمن المفتوح و يكره النهايات… أما أنت لطالما وشمت جبين الأحلام بقلق الفقد…
سوف يتذكر ما كتبه درويش: وأعشق عمري لأني إذا مت أخجل من دمع أمي… وكذلك سيحاول أن يتوارى في وردة.. في زجاجة عطر ويعشق ظلك..
سيدون على سطور الزمن قصة غياب أبدي بطعم الحضور المزلزل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى