مقال

العلم الذي ينتفع به والصدقة الجارية

د. عادل جبار الربيعي| أكاديمي من العراق

إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا

وأخيرا أسدل الستار على حياة مفعمة بالعمل والمثابرة والتضحية والمعاناة والأمل والدعاء ليصلنا خبر قصير عن وفاة محمد الركابي أستاذ اللغة الإنكليزية الموهوب الذي كان يبث حلقات تعليم اللغة الإنكليزية لوجه الله
في الحلقات الأخيرة بانت عليه علامات الإعياء والتعب ولكنه كان يجود بنفسه في سبيل وصول المعلومة كي تكون الصدقة الجارية التي تبقى مستمرة في قلوب الناس وعقولهم.
وتحضرني الآن حادثة أخرى لزميل لنا تدريسي في كليتنا والذي كان يعاني من مرض عضال عاث في جسده خرابا. لكن يأبى إلا أن يقوم بعمله التدريسي معنا رغم إلحاحنا المتكرر عليه بالراحة ولكنه أعطانا درسا وليس للطلبة فقط بأننا نبذل الجهود وإلى آخر لحظة في الحياة وهكذا غادرنا الدكتور واثق إلى رب كريم قبل أيام تاركا أعظم الأثر. وهناك صورة عالقة لازالت في ذهني وهي من خلال موقف لوالدي – رحمه الله – والذي كان يعاني من أزمات صحية كبيرة عجلت بأيامه الأخيرة وكان يعلم بأن نهايته قريبة جدا طلب منا عمل تصليحات في البيت الذي نسكنه ولا سيما البلاطات والكراج وأشياء أخرى. قلنا وهل هذا وقته. فأجاب بأنه يجب أن ينجز هذا العمل الذي تأخر قبل وفاته. كان يراقب العمل من الشباك وأحيانا يخرج على كرسيه بصعوبة كي يشاهده بنفسه. أنهينا العمل وانتهت أنفاسه وتم تدشين المكان في مجلس الفاتحة. لقد أعطانا درسا كبيرا في ضرورة وقدسية العمل ولآخر رمق.
على الجميع أن يعي بأن الحياة مستمرة والعمل هو رسالة ومسيرة لاتنتهي ويجب أن يكون لكل إنسان بصمة في هذه السلسلة تماما كما يحمل الرباضي في لعبة البريد كيف يتحمل المشاق ويعطي الراية لزميل له وهو بدوره يعيد مافعله الأول حتى نهاية السباق.
لنتصفح سير الخالدين الذين كان لهم الدور الكبير في مواصلة المسيرة وبقي ذكرهم على طول الدهر لأنهم ببساطة كانت لهم بصمة وحضور وعمل خالد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى