سياسة

هل كان استشهاد يحيى السنوار مفاجأة؟

محمد السعداوي| كاتب وناشر مصري

       يحيى السنوار لم يك يرضية أن يموت – وهو قد جاوز الستين – مريضا على سرير في مستشفى أو في حادث طريق أو ميتة عادية ككل البشر، مع أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: “من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه. رواه مسلم.”

      كان السنوار طالبا للشهادة وهو يناضل ويقاتل العدو وكان راغبا فيها، وقد نال الشهادة في أسمى معانيها، استشهد مقاوما مقاتلا، حاملا سلاحه بيد واحدة بعد إصابة يده أو قطعها، كان خاليا من الذخيرة بعد أن كان جسده محاط بقنابل استخدمها وذخيرة استنفذها وهو يحارب عدّوا مكتمل العدة والعتاد، بدبابات وطائرات ومسيرات، كتب على نفسه القتال وعاهد الله -راضيا محتسبا- على الدفاع عن الارض والدين والوطن.

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}

‎     استشهد السنوار في حي السلطان، هو لم يختف من المشهد كما قال العدو، بل أن مشهد إغتيالة، حاملا سلاحه مدافعا عن أرضه وعرضة ضد أعداء الإسلام والمسلمين، هذا المشهد قد وَلد بعد غياب السنوارالفسنوار، بعد غياب الشهيد مليون مشروع شهيد.

   ولد السنوار في العام ١٩٦٢ لاب مقاتل هو إبراهيم حسن السنوار، فى مخيم خان يونس للاجئين جنوب غزة، حيث نزحت أسرته من مدينة مجدل شمال شرقي القطاع بعد أن اِحتلت إثر نكبة عام 1948 وتغير اسمها إلى (عسقلان).اعتقل السنوار لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وكان عمره حينها 20 عاما، في 20 يناير 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل 4 فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).أمضىالسنوار 23 عامًا في سجون الاحتلال الاسرائيلي ووصفه مرافقوه في سجون الاحتلال خلال هذه الفترة الطويلة التي تتجاوز ثلث عمره، أنه كان شخصية هادئة ذكية محبوبة.

      تعرض لبعض المشاكل الصحية في السجن، وظل لفترات طويلة يعاني من آلام وصداع بالرأس حتى اجريت له عملية إزالة تجلط دموي بالمخ، أطلق سراح السنوار العام ٢٠١١ في صفقةً تبادل جلعاد شاليط مقابل الف أسير.

     السنوار إضافة لكونه زعيمًا سياسيًا وقائدًا للمقاومة في غزة فإنه كان مترجمًا محترفًا للغة العبرية، وقارئ نهما، ساعده في سنوات عمره الطويلة التي قضاها في السجن ولم تذهب سدى،وترجم 4 كتب عن السياسية الإسرائيلية نظرًا لإجادته للعبرية وقراءته للمشهد السياسي في إسرائيل. وعام 2004 كتب أثناء وجوده في معتقل بئر سبع الإسرائيلي رواية وحيدة تتكون من 30 فصلا عن النضال الفلسطيني منذ عام 1967 اسمها «الشوك والقرنفل». وتأخر زواج السنوار كثيرًا بسبب أنشطته العسكرية واعتقاله لسنوات كثيرة، حيث تزوج بعد إطلاق سراحه في عام 2011، من سمر محمد أبو زمر صالحة والتي ترجع أصولها إلى عائلة «أبو زمر» الغزاوية المعروفة بالنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي وهي حاصلة على درجة الماجستير في تخصص أصول الدين من الجامعة الإسلامية بغزة وأصغر منه بـ18 عامًا.

      بعد خروجه من السجن انتخب السنوار عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس سنة 2012، كما تولى مسؤولية الجناح العسكري لكتائب عز الدين القسام، وشغل مهمة التنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب.وكانللسنوار دور كبير في التنسيق بين الجانبي السياسي والعسكري في الحركة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014.

      وفي رأيي فإن أهم ما قام به السنوار بعد انتهاء هذا العدوان عمل تحقيقات وعمليات تقييم شاملة لأداء القيادات الميدانية السياسية والعسكرية، وتم استبعاد وإقالة قيادات بارزة، والقضاء على عدد كبير من الخونة والعملاء المندسين بين صفوف المقاومة، السنوار كان شخصية حذرة، لا يتكلم كثيرا كما أنه يظهر علنا إلا نادرا، يمتلك مهارات قيادية عالية وله تأثير قوي على أعضاء الحركة.

بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر أصبح يحيى السنوار المطلوب الأول لدى إسرائيل، إضافة إلى محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام.لذلكً فقد أصبح التخلص من زعيم حماس أهم الأهداف الإستراتيجية للعملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي أطلقت عليها اسم “السيوف الحديدية”، إذ يعتبره مسؤولون إسرائيليون العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر 2023.

         دائمًا قادة حماس يتوالدون، فمن بين كل رحم يخرج أبطال يتكاثرون، الشيخ احمد ياسين لم يمت فقد ورث الجهاد عنه “رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” فمن المناضل الشهيد احمد ياسين مروراً بهنية وصولا إلى الشهيد يحيى السنور ومازال العطاء مستمراً، سيبقى الرجال مرابطون وسنبقى نحن ناظرون محدقون لا نحرك ساكن، لانملك إلا الاسى والحسرة، والتشدق بكمات الندم وعبارات الذل والخذلان.بعد استشهاد السنوار من المرجح أن يخلفه خليل الحية، كما أن محمد السنوار الاخ الشقيق ليحي السنوار سيكون له دور بارز في قيادة الجناح العسكري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى