جدلية التشتت
ظهير طريف فالح| العراق
أتساءل: هل التشتت جزء من الطبيعة البشرية؟ لو حللنا الطبيعة البشرية استنادا على الواقع الذي جبل عليه البشر سنقول أن التشتت جزء من طبيعة البشر. لكن لو حللنا الأمر استنادا على جوهر الطبيعة البشرية سنلاحظ ان الطبيعة البشرية توفر بيئة تسمح بتفاقم التشتت النفسي لدينا لكنه ليس جزء منها.
ينظر العالم (سيغموند فرويد) إلى التشتت على أنه صراع بين الغرائز والرغبات وبين القيود والقيم الأخلاقية وينتج عنه توتر داخلي محاولا تخفيفه من خلال الإنكار أو التبرير. لو ترجمنا هذا الكلام في الواقع على النفس البشرية سندخل بجدلية معقدة: التشتت يصاحب من؟ الإنسان الواعي ام الإنسان الذي يميل بجانب رغباته وغرائزه؟ لو وضعنا مفهوم ينص على أن كل شخص يناسب بين رغباته وقيمه الاخلاقية ليتلافى الصراع الذي بينهما هو إنسان واعي، سيحصل لدينا تناقض جوهري عندما يناسب بين رغباته التي تصنف كوحشية وبين قيمه الاخلاقية المتدنية.
وأما إذ وضعنا مفهوم آخر ينص على أن كل شخص مشتت هو إنسان واعي لكونه لم يناسب بين رغباته وقيمه الاخلاقية، سيحصل كذلك تناقض جوهري عندما يترك رغباته وغرائزه البدائية و الهمجية تتصارع مع قيمة الاخلاقية السامية و تنتصر عليها.
ولكي نتلافى الوقوع في المغالطات بمثل هذه الجدالات يجب أن نتعامل مع المفاهيم بموضوعية لوضع نقاط جوهرية ثابتة، أما مع الحالات والتشخيصيات نتعامل معها بنسبية لاختلاف السياق الذي وجدت فيه.
إن اغلبية المفاهيم تعتمد على ظروف نسبية وبالتالي إنها لا تعكس الواقع الاجتماعي بدقة، وإنها تفتقر إلى الأخذ بعين الاعتبار العوامل السياقية بين الأفراد. فلذلك كثرت المغالطات حول طبيعتنا البشرية، فالكثير من المفاهيم تحتاج الى إعادة نظر من قبل علماء النفس وخاصة السلوكيين لان سلوك الإنسان المعقد بشكل شامل.