أدب

أُسَائلُ ليلَ الشَّمال

فايز حميدي| شاعر فلسطيني مغترب
-١-
بين زَحمة الحَياة وَصخب العَابرين
بين عصرُ التَّوهم وعصرُ اليقين
بين رَعشة الحُلم وسياط المَحرقة
بين الرِّيح النَابحة واسنان الوَاقع المُدببة
بين رَبيع الألم وَخريف اليأس
ركامٌ من حنين …
-٢-
في هذ الأصيل المُوغل بالغيابِ
مدنٌ وضَواحي تُبرق في ذاكرتي
هُنا جذر جَذري وَأرضي
هُنا دَمي
هُنا عظامُ أجدادي وَتاريخي
هُنا حَاضري وَمستقبلي وَعنواني
سَنبقى نُكافح هُنا ولو بالأظافرِ
رغمَ صوت العَتمة المُتكدس
وَيقحلُ القَلب مُتشحاً بالسَّواد
ويتحجرُ السُّؤال ولكن لن يَصمتِ
-٣-
يا غزةَ
أجلُّ الحَواضر تلكَ التي دَمرها الغُزاة
وأجملُ الحصاة تلكَ التي صَقلها البحر
وأجملُ الأحلام تلكَ التي ولدت
من ذكرياتِ المُستقبل
من رحمِ الألم
مُعجزتنا يا أختاهُ أننا سنظلُّ :
على قيدِ الحَياة
على قيدِ الأمل …
-٤-
كم شَربنا يا جنين من مراراتِ الدّروب
ومراعي القَهر ؟
كم تَركنا أبوابنا مَفتوحةً للريح ؟
ونوغلُ في عَتمة الجُرح وَجمرة الرّوح
عزلةً
وفجيعةُ
وأنين
وأماني مُسجاةٌ في كفنٍ هَزيل
وعمرٌ يُوشكُ على الرَّحيل
-٥-
يا غَزة
أُسائلُ ليلَ الشَّمال :
كيف ضَلتْ خُطانا وَتلعثمت في فَوضى
على خدِّ الطَريق ؟
كيف شاغبَ شِراعنا الموجَ وتاهَ في
عَرض المُحيط ؟
كيف تناثرتْ خَميلة أقحوان بِلون الشَّفق ؟
إحملِ فانوسكِ في يدك ِ
إنهم يَقطعونَ نبض الوَريد
دققْ في العَتمة هُناك ، صَدرُ غُراب
تَرى قِبلتي الأولى مُنكسةٌ
تَرى وطناً وأحزاناً مُعتقةٌ
وَسحائبَ طاعنةٌ بالتَشرد
تَرى الحَناجر غاضبةٌ وينتفضُ الأُباة
-٦-
يا أمةَ الضَّاد
يا أمةَ فقدتْ خَوابي أحلامها
غُرباء نَلقى بَعضنا وفي القلبِ جَمرة
خُيولك من وَرق
سُيوفك من خشب
شِعاراتك من صَدأ
سَماؤك تُرعد وغيومكِ لا تُمطر
وعلى الضَمير حَجر
الليلُ يُعريك والنَّهار يُعريك
وأقلام الرّواة
يا وطنَ الجِراح والرَّصاص وأقواس قُزح
هلْ ماتَ الصَّهيل ؟
هلْ ماتَ الفرح ؟

” القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى