دفتر حكاياتي

منال رضوان | القاهرة
لأحداث ما مرت قبالة قلبكِ الفارغ أثر موجع؛ كجنين مبتسر يعانق الذكرى بين حين وآخر.
ماثلة.. عاملة.. لاكزة، أليس كذلك؟ ربما! وكلما خلوت ساعة، ارتجفت تلك العجوز رافضة تشيعيها إلى صندوقك الأسود.
لكنها وقود نبض؛ فكيف تتغافلين عنها؟
……………
قبل أعوام عرضت دفتر حكاياتي على أحد الكبار، فاستبشر خيرًا، لكنه سرعان ما وبخني على كتابتي اللينة، زاعمًا أنني أمتلك الأفضل؛ لكنه لم يولد بعد، تحول التوبيخ إلى سخرية، والتهكم إلى إنكار، فرفض لكل ما أكتب؛ حتى غدا النقد الداعم توبيخًا لسلوك الطفل الذي لم أتخل عنه، قال: إنني مجرد صغيرة بلهاء، أشبه “ربات البيوت” في مجاملتي واهتمامي بغيري، وكثرة دعائي وأمنياتي التي لا تنقطع و.. و.. و….
التقمت النصائح وقتذاك، بفم الصغير الجائع، حزنت.. ربما، لكنني لم أغضب، أو هكذا وضعت كلماته في إطار شهادة خبرة لمن سبقني تجربة وشهرة.
التهمت عشرات الكتب في فترة وجيزة، اجتهدت في استذكار دروسي، ولم أترك الدفاع عن كل من يمر بتوبيخ أو تقريع، كنت أريد قيامة جديدة، لكنني لم أصم أذني عن أبواق لغيري، تنادي بأن يحرر كلماته من قضبان السطور.
صار التحليق نحو النور هوايتي الجديدة، تحولت أجنحة الفراشات إلى أجنحة طائر أشد صلابة، لكنه لم يفقد روحه وسط الغيام.
نعود معًا إلى الأرض؟
لم لا…
بعد عامين، طلب ذلك الكهل أن أمر بقراءة لعمله الأدبي، وألح في طلبه؛ لأنني – كما قال – (كبرت).
أسعدني الانتصار عليّ لا عليه، وقدمت قراءة قال إنها من أهم ما كتب… هكذا اعترف بوجودي.
كان لابد لتلك الندبة أن تتوارى وأن أتجاوزها؛ فقد صنعت مني فتاة جيدة!
وأثناء مناقشة أحد أعمالي، عاد الرجل ساخرًا مرة أخرى بأسلوب أشد ضراوة.
هذه المرة لم ألتقم كلماته، بل لفظتها، ليس غضبًا؛ بل لمجرد أنها فقدت تأثيرها.
ألغيت صداقته الافتراضية والواقعية في آن واحد، واعتبرت أن ما أقدمه رسالة، لن أتوقف عن دعم غيري من خلالها، والأهم أنني لن أتوقف عن التعلم واستذكار دروسي جيدًا.
لم أتخل عن روح الطفلة التي تناوش وتشاكس وتلقي الدعابات المرحة في طريق الجميع، حتى أخبرتني صديقة بأن أتوقف عن كتابة ذلك الشجن كله، وأتحول إلى كتابة المقالات الساخرة! بعد أن أتخمت جعبة رسائلها ب ههههه.
هكذا مرت الأعوام كأيام، وتحولت العثرات إلى بناء أرسخ بقائي به.
ذكرتني واقعة مماثلة بتلك الأحداث، وسرعان ما عدت إلى تقديم ما يتفق وقناعتي التي اعتدت عليها: أنثر الأبيض على رتوش سوداء لنفوس أتعبها الرجاء، حتى ظنت أن إيذاء غيرها غاية عظيمة تسعدها.. ما بالهم؟ كيف يصنعون؟!
وها أنا.. أنتظر الضوء يلوح إلي، فأقدم العون والدعاء والدعم، ولم أنس تفعيل خاصية الإلغاء لظلال باهتة مرت بي، ريثما أودعها إلى مرقدها، وأعود لمهمتي التي لا أعرف غيرها… وفي وقت لاحق، أضمها إلى دفتر أضغاث صحوتي.
#أوراق_ممزقة
#منال_رضوان
#أضغاث_صحوتي الجزء الثاني
نشر الجزء الأول منها عام ٢٠٢١
صورة قبل شهور بعدسة الفنان أ. أيمن برايز



