أدب

صوت الطين

قصيدة مستوحاة من رواية سلالة من طين

 قمر عبد الرحمن| فل.ــ.ــسطـ.ــين

فِي عُمْقِ الطِّينِ، هُنَاكَ حِكَايَاتٌ تَسْتَمِرُّ فِي الصَّمْتِ،
حِكَايَاتٌ تَتَشَبَّثُ بِالجُذُورِ، حَتَّى لَوْ جَرَفَتِ الرِّيَاحُ أَغصَانَهَا.
كُلُّ خُطْوَةٍ عَلَى هَذَا التُّرَابِ تُعِيدُنِي إِلَى صَدَى الأَجْدَادِ،
إِلَى أَصْوَاتِهِمِ الَّتِي تَتَرَدَّدُ بَيْنَ ضُلُوعِي،
تَصْرُخُ فِي عُمقِي: “أَيْنَ نَحْنُ؟ مَنْ نَحْنُ؟”

أَرَى وُجُوهَهُمْ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِن زَوَايَا الخَيْمَةِ،
فِي خُطُوطِ الطِّينِ المُتَشَقِّقَةِ، فِي صَدَأِ القُلُوبِ،
وَفِي بَقَايَا ذِكْرَيَاتٍ لَمْ تُرَوَ بَعْدُ.
كُلُّ شَيْءٍ هُنَا صَامِتٌ، لَكِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَتَكَلَّمُ.

نَحْنُ كَالطِّينِ، سَرِيعِي التَّشَكُّلِ بَيْنَ المَاضِي وَالحَاضِرِ،
نَحْمِلُ أَوْجَاعَنَا كَجُذُورٍ تَمْتَدُّ فِي الأَرْضِ،
وَنَحْلُمُ بِغَدٍ لَا نَعْرِفُهُ.
سُلَالَةٌ مِن طِينٍ، نَعَمْ.. لَكِنَّ القَلْبَ يَبْحَثُ عَن مَاءٍ،
عَن هَوَاءٍ، عَن فَضَاءٍ، عَن مَكَانٍ يَشْعُرُ فِيهِ بِالحُرِّيَّةِ.

رُبَّمَا الحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ مَكَانًا،
بَلْ لَحْظَةً نَخْتَارُ فِيهَا أَنْ نَحْضُنَ أَنْفُسَنَا،
حَتَّى لَوْ كَانَتْ أَيْدِينَا مُلْطَخَةً بِالطِّينِ،
حَتَّى لَوْ كَانَتْ أَصْوَاتُنَا مُجَرَّدَ صَدًى،
فَصَوْتُ الطِّينِ فِي النِّهَايَةِ، هُوَ صَوْتُنَا نَحْنُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى