أعيادنا فرح وهداية وتفاؤل

د. عادل المراغي | القاهرة

ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله
تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ
كحاجـبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه
يشيرُ لنا بالرمـز للأكْـلِ والشُّـرْبِ
بالرغم من أنّ العيدين في الإسلام يرتبطان بشعيريتين من أهم شعائره التي لها علاقة عضوية بالزمن؛ الصيام والحج، إلا أنّ الطابع الاحتفالي لهما، يعكس قوة للفرح تخترق الجميع تقريباً.
وأفراح العيد؛ في توقيتها وهويتها الدنيوية الظاهرة، تكاد تنسي الناس فكرة الشعيرة الأولى ودلالتها التي ترتبط عضوياً بأفعال الصوم والحج؛ فبعد أداء صلاة العيد (وهي بذاتها صلاة تؤديها غالبية فئات المجتمع)، لا تعكس الحياة الطبيعية والعادية للمسلمين ما يتصل بألوان العبادة الطقوسية؛ كأنما العيد هو قصد دنيوي للفرح واللهو والنسيان
إنَّا لو فكّرنا بمن اختار لنا العيد؛ لرقص لذلك كلّ قلب سعيد..وطربت له رؤوس العبيد….
إنّه اختيار (الله جلَّ في علاه)!!
لهذا نقول : (الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلاَّ الله ، والله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد)
فأي فرحة تعمُّنا حينما نرى اختيار ربنا لأعيادنا:(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)…
فيا لله ما أجمل عيدنا أهل الإسلام وما أحلاه وما أبهاه ، وما أرقاه وما أزكاه، فحبور وسرور، وفرحة لإرضاء الربِّ الودود الغفور…
في يوم العيد ولدقائق معدودات طالما أطرقت رأسي ناكتاً التراب بعود في يدي في خلوة عن جلوة الناس أختارها لنفسي، فأحادث هذه النفس عن أسرار أفراح العيد التي ترتسم على شفاه المسلمين العابدين…وأتمنى أن تفيض عليَّ الروح بشيء من ريح العيد وعبقه….
لكنَّني رأيت أنَّ من أعظمها أثراً تمام الصلة مع الله بالصلاة والتكبير، ومن ثمَ الصلة معه الناس بالمحبَّة والتقدير….
إنَّها أفراح الروح تطفح على الوجوه….
إنَّها نفوس تسوقها العاطفة، هي في حُبُّها للغير واكفة، تصنطع المعروف، تضحك، تبتسم، تتآلف، تتعارف، تتواد تتحاب…
حقاً ما أجمل بسمة العيد…تخرج من بيتك فترى الناس جميعاً تعلوهم السكينة … ويلُفُّهم التفاؤل … وتكسوهم السعادة … ولا تفيض ألسنتهم إلاَّ بالكلام الطيب…فتتمنَّى كل السنَّة عيداً.
إنَّها أكف تلامس الأكف، وعيون تنطق مع العيون،وشهد كلام تفوح منه رائحة عطر زكيَّة، مع كلام يوازيه مذاقه أزكى من رائحة المسك والعنبر.
إنَّه الوضع الطبيعي لذلك، فإن رأيت عبوساً قمطريراً، ووجهاً كئيباً دون سبب يختصُّ به ذلك الشخص في يوم العيد؛ وإلاَّ فاستعذ بالله من شرّ شياطينه وإياك أن تخوض معه في دواوينه… فإني أربأ بك أن تصيبك حالة من دُّوار الرأس مع تصدُّع في بنيانك الداخلي!!
فسبحان من غرس محبَّة العيد في قلوب الأطفال؛ بما لا تشعر به من فرحة لهم خارج هذه الأيام ولو كانت أيام أنُس وإيناس!!
فالحمد لله على نعمة العيد رغم ما بالأمَّة من البأس الشديد ..
والعيد أقبل مـزهوًا بطلعته
كأنه فارس في حلة رفـلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم
كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا

إنَّ من أروع دروس العيد كونه مدرسة للتفاؤل والابتسامة، وجامعة نتعلَّم فيها المقدرة على طاقة التحمُّل لإيذاء الآخرين لنا فنعفو ونصفح … ونتحابب ونتسامح …. ونتلاطف مع بعضنا ونفرح…
ماذا عسانا أن نقول في يوم العيد إلاَّ كليمات أقول في خواتمها:
إن لم تعش العيد بفرحة أهل الإيمان الكبار ؛ فلا أقلَّ من أن تعيشه مع فرح الأطفال الصغار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى