القاص العراقي علي السباعي والإعلامية نجلاء الخالدي وجهًا لوجه

– الكتابة تكسر القيود وتوقظ الإنسان من غفوته .

– الأدب العراقي في المقدمة عربياً .

– حلمي أن تضيء كتاباتي حياة الناس، وأن تشكل ضوءاً نبيلاً يسهم بتوسيع مساحات الوعي، لأن الوعي يعادل أهمية الحرية والسلام والخبز .

– حين أحس بنقصٍ روحي أستدعي الأغنية، لأنني فشلت في الحب، في أن أحِب وأحَب، أسمع كل ما يفطر قلبي.

‎لا يمكن اختزال التجربة الأدبية الثرية للقاص العراقي علي السباعي التي بدأت بوادر نضجها مبكراً منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، إذ جسد السباعي عبر مجموعاته القصصية “إيقاعات الزمن الراقص”، و”زليخات يوسف”، و”بنات الخائبات”، و”مدونات أرملة جندي مجهول” وآخرها “شهرزاد قدري” صراع الإنسان العراقي مع السلطة ومع تجار الحروب والتوق إلى قطف ثمار الحرية، فكانت قصصه توثق واقعاً عراقياً بعدسة قاص ظل حلمه أن يشارك الناس في تلك البقعة من الأرض بالبحث عن طوق نجاة مفقود. التقيته في مشغله السردي ، وكان أوّل أسئلتي له:

س 1 / ما هي طقوسك في الكتابة ؟

ج1 / لا . طقوس . الكتابة الواعية : حرية . إذا قلت : طقساً . كانت قيداً . الإبداع ضد الأصفاد . الكتابة تكسر القيود . والكتابة الواعية توقظ . توقظ الإنسان من غفوته ، وتضيء الإنسان من الداخل  . الكتابة : ضوء . والضوء لا يمكن أن يقيد بطقس معين . أذكر قولاً للروائي الأرجنتيني أرنستو ساباتو : ” لا أحد ينام في العربة حين تقله من الزنزانة إلى المقصلة . لكننا ننام جميعاً من الولادة حتى القبر أو إننا لم نستيقظ حقاً ، وأحدى مهام الأدب العظيم إيقاظ الإنسان السائر صوب المقصلة ” . إن تلزم نفسك بقيد ” عادة في الكتابة ” يعني ذلك : أن تبقى داجناً . الكتابة الإبداعية الواعية من سماتها تحب التحليق ، التحليق الحر في ربوع جنان الجمال، وتفرض التدجين والترويض .

***

س 2 / في حياة العديد من المبدعين محطات غيرت خارطة طريقهم ودفعت بهم إلى عالم الشهرة والمجد أن صحت العبارة ..أي محطة في حياة السباعي غيرت حياته ودفعت به إلى عالم الكتابة؟

ج2 / كرهي للقبح قادني للكتابة الواعية المغيرة ، يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ” بقدر ما يحب الإنسان الجمال ، يكره القبح ” ، والمحطة التي غيرت حياتي كانت :- ((إبانَ حربِ ألثمان ِسنوات عِشتُ حَدثاً مروعاً فَتَح في قلبي جرحاً سوفَ يظلُ مفتوحاً ما حييتُ . أنني مازلتُ أرى ، رأي العين ِ والقلب ِ ، ذلكَ اليومَ القاتمَ من تاريخ ِ بلدي  الأكثرَ عنفاً ودموية ً وحزناً، حيث وقفتُ مهموماً وسط َ شارع ألحبوبي في الناصرية ، بعد خروجي مَن المدرسةِ وبرفقتي زميلٌ لي ، عندما وصلنا ساحة ألحبوبي التي يتوسطُها تمثالُ الشاعرِ المجاهدِ ( محمد سعيد ألحبوبي) ، مر رتل عسكري من :  – (( اللاندكروزات والوازات  والأيفات والفوانات تحمل الدباباتِ وناقلاتِ الجنود ، والجنود يلوحونَ لطلابِ المدارس ِ والمارةِ المتعبين بعلامةِ النصر)) . شاهدَ زميلي مثلما شاهدتُ أمَهُ الشابة الجميلة َ زوجة َ الشهيدِ ، وقد وقفتْ أمامَها سيارةً نوع تويوتا “سوبر” حمراءُ اللون يقودُها ضابطٌ يضعُ على متنهِ ثلاث َ نجوم ٍ ذهبيةٍ، راودَها ، فصعدتْ إلى سيارتهِ ونحن نتطلع مبهوتين بعيون سومرية سودٍ تلتهبُ دما ً، في أثناءِ مرورِ السيارةِ من أمامنا رمى الضابط ُ عُقبَ سيجارتهِ بوجوهِنا وراحَ عُقبُ سيجارتهِ يعربدُ في الهواءِ حتى تلقفتَهُ الأرضُ . أرضُ العراق ِ، وحماةُ البوابةِ الشرقيةِ يلوحونَ بعلامةِ النصرِ لنا. سألتُ نفسي آنذاك :

– كيفَ أنحازُ وبشكلٍ مطلقٍ لمحنةِ الإنسان ِ أياً كانَ موقُعهُ ؟

فكانَ هذا السؤالُ ثيمة ًجوهرية ً في كتاباتي … يومها حاولتُ أنْ تكونَ حياتي مِثلَ حياةِ (ناظم حكمت) ، من بدايتها حتى نهايتِها كِفاحاً مستميتاً دفاعاً عن المظلومينَ والمقهورينَ والمضطهدينَ ، فكتبتُ أولَ قصةٍ قصيرةٍ في حياتي وذلكَ في الرابعِ والعشرينَ من نيسان عام أربعة وثمانين وتسعمائة بعد الألفَ ، وقد وسْمتُها بعنوان ِ :” عربدة عقب سيجارة الضابط العراقي ” . بهذهِ القصةِ أكون قد انتميتُ إلى الإنسانيةِ . لحظتها أمسكت الخيط الشفاف غير المرئي بين علي السباعي الإنسان وبين الهامش المعاش في الشارع العراقي الساخن بالمتغيرات التي تهدر حياة وكرامة الإنسان .

***

س 3 / في أي مستوى تضع الأديب العراقي بين أقرانه العرب فيما يخص غزارة الإنتاج والإبداع على حدا سواء؟

ج 3 / أضع الأديب العراقي المبدع في المقدمة .

***

س 4  / لماذا الكتاب في العالم العربي ليسوا أغنياء كما هو الحال في أوربا على سبيل المثال؟

ج 4 / نحن نعيش في مجتمعات متخلفة قامعة غير متحضرة ، لا تؤمن بالإبداع ، لأن الإبداع يغير . وظيفة الإبداع تغيير عقول الناس ، وبالتالي تغيير حياتهم . أذكر مرة قرأت في أحدى مدونات التاريخ أن الملك ” ناصر شاه ” الذي حكم إيران في منتصف القرن التاسع عشر كان يقول :- ” أريد أن أكون محاطاً بحاشية من الأغبياء لا يعرفون عن بروكسل هل هي مدينة أم نوع من الخس ؟!! ” .

***

س 5 / أي واحدة من قصصك ترشحها لان تتحول إلى فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني ؟

ج5 / قصة مريم البلقاء .

***

س 6 / حصلت على العديد من الجوائز أي واحدة منها أفرحتك ومازلت تعتز بها ؟

ج6 /  الجائزة الأولى في مسابقة برنامج (( سحر البيان )) ، الذي أطلقته الفضائية العراقية  عام 2006 م ، حصلت فيها  على درع الإبداع الذهبي في القصة ، وسميّت بقاص العراقية عن قصتي الموسومة بعنوان :- [رحلة الشاطر كلكامش إلى دار السلام ) .

***

س 7 / ما هي احدث أعمالك على صعيد الرواية أو القصة ؟

ج7 / أنجزت كتابة رواية ومجموعة قصصية .

***

س 8 / لمن تسمع ولمن تقرأ ؟

ج 8 / سماع الأغاني يكشف عرينا وبؤسنا وهشاشتنا الداخلية ” الروحية ” . . يظهرنا الألم الذي في ألأغاني عزلاً وسط ظلمة النهار ، نهار الوجود الإنساني ، أسمع الأغاني لحاجة روحية بداخلي ، أقوم باستدعاء الأغنية التي تحتاجها روحي ، تلك الأغنية التي تلائم طقسي الروحي الداخلي لحظتها . لحظة انكساري الروحي . لحظة أحس بنقص روحي أستدعي أحداهن لأجلي ألمي ، وحزني حتى أعود علي السباعي من جديد . أسمع الأغاني لأنني فشلت في الحب ، في أن أحب وأحب ، طبيعي أن أسمع كوكب الشرق ، والعندليب الأسمر ، وقحطان العطار ، وعبد الكريم عبد القادر . أسمعهم . أسمع كل ما يفطر قلبي ويجعلني إنساناً .,,, أقرأ لكل مشاعل النور في العالم . كنت ولا زلت أصحو وأنام على ضوء مشاعلهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى