عصافير

عمر حمّش | قاص فلسطيني

وكيف نعرفُ أن العصافيرَ التي تموجُ؛ ليست أرواحَ المغادرين .. ترقبُنا بصمتٍ، ومناقيرُها تنثرَ الحزنَ، كلما ضاقت، والحزنُ حام .. وأنَّ الزقزقة ما هي إلا محاولاتٌ للصراخ ..
كيفَ نوقنُ أنَّ نكوصَها في الليلِ؛ ليس إلا تهيئةً لرجعةِ التمني .. عسى أنْ نكون قد تغيّرنا في النهار ..
أمّي عصفورةُ صبحِ التشظي، وأبي بلبلُ نافذة الانتظار .. صغارُنا يوم تساقطوا؛ صاروا عيونَ الأقحوان .. وشيوخُنا وإن ترجلوا؛ على رذاذ الغيمِ توكؤوا بعصيهم .. ليسوقوا لنا المطرَ الشريد ..
كيف كلُّ شيءٍ ينقضي؛ ومن سفك الدمَ، يشوي لحمنا المتبقي، ويزجيه طُعما لسفك الآخرين ..
هل يستوي موتُنا مع سردِ الكلام ..
تلك عصافيرُنا على أغصانِ دهرِنا تحوم .. والسارقون يعجِزُهم صدّ عصافيرِ الحياة ..
كيف أصدُّ أميَّ لأرضيََ السارقين .. وهي لم تزلْ عصفورةً تأتي؛ لترويَ ما تبقى من حكاياتِ الزمان .. وأبي الذي يمرُّ سهما في دماغي، يوقظني من كلّ غفوة؛ إذا ما حطّت الغفوةُ كفرخِ سربٍ من يمام ..
الشيوخَ لم يغادروا فعلا .. ولم يرتضِِ الصغارُ الموتَ.. لم ينتهِ الأمرُ، ولم تقفلْ الدنيا مفاتيح الكلام ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى