الفنان دريد لحام والإعلامية وفاء كمال وجها لوجه (5)

كان حوارنا مُتَقَطِّعاً. وحين انتهى شريط المسجل، انتقلنا إلى حوارات جانبية. تحدثنا طويلاً عن الشاعر “محمد الماغوط ” قلت: أريد لقاءه، لكن سمعتُ أنه لا يحب لقاء الصحفيين .
قال: أبو شام فعلاً لا يلهث وراء الصحافة. ولم أعد أذكر إذا كان دريد أم سواه. قد قال لي: إن الماغوط يبحث عن مُدَرِّسة كيمياء لابنته، وباعتباري درستُ الصيدلة يمكنني أن أفعل ذلك، وأحظى بنفس الوقت بالحوار الذي كنتُ قد قررتُ سلفاً أن أقوم به لصالح المجلة التي أعمل بها ضاربة عصفورين بحجر واحد .،. لذا عدتُّ أركز الحديث حول كتابة “الماغوط” لأعمال الفنان دريد. فقلت:
_ إن عملية عرض النص الحي على المسرح لا تسبقها في الأهمية سوى منزلة المؤلف. مارأيكَ؟
_(ج ): أي عمل أساس نجاحه وفشله هو النص . النص هو البطل وكل ماعداه أداة للإيصال. طبعاً أنا لستُ ” سيناريست ” فأنا يجب أن أحس بالعمل قبل أن أقوم به .فعندما يكون النص رديئاً ، يصبح العرض برمته رديئاً، حتى لومثَّلته أجمل ممثلة، وقام به أعظم فنان. أما النص الجيد فإنه قد يؤدي إلى نجاح العمل ولو بممثل نصف موهوب أو نصف متمكن. لأنه إذا لم يصل العمل عبر أسلوب أدائي فقد يصل عبر الكلمة. وخرج هنا عن حوارنا ليؤكد هذه النقطة. وحدثني عن الفتاة كريستين شويري كيف أدت دورها في الفيلم مع أنها لم تدخل الوسط الفني من قبل. ولم يكن لها أية تجربة في الأداء. واستطاعت أن تنجح في فيلم “التقرير” وسألني إن كنتُ أرغب بالتمثيل. قلت: جداً وسبق أن وقفتُ على المسرح الجامعي. وقُدِّمت لي عروض كثيرة. وطُلِب مني أن أكون بطلة في مسرحية “هملت” لكنَّ أهلي كانت تقوم قائمتهم وتقعد حينما يحدث ذلك. قال: بعكس أهل كريستين هم من دفعوا بها إليَّ كي أشركها بالعمل وفعلتُ ذلك حين وجدتُ فيها الموهبة والشغف بالتمثيل. حاولتُ تغيير الحديث لأنني أعلم أنه لاطائل منه. وأنني قد تعرضت لتلك المواقف، ورفض أهلي. وقد حاولت دراسة الإخراج المسرحي وقمت بامتحان مقابلة للتقديم إلى معهد الفنون المسرحية. لم أنجح في المقابلة ولم أدرك السبب إلا بعد سنوات. ولعله إجابتي على أحد أسئلة اللجنة، وهو مارأيك بالمسرح السوري؟ فأجبت: ” إنه مع قليل من الاستثناءات قد تحوَّل إلى جثة تلاشى رمادها في المقبرة ، ولم يأتِ حتى الآن من يمنحها أكسير الحياة ” .لم أكن أعرف كيف أجامل مطلقاً .ولم أتنبه أن اللجنة التي تقوم بامتحاني هي أهم المسرحيين في الساحة السورية آنذاك. ومع ذلك طلب مني بعضهم أن أتجه نحو قسم التمثيل.

***


تابعتُ الحوار قائلة: يقول “برنارد شو” عن الممثل “أرفنج” الذي مُنِح لقب “سير” لجهوده الفنية المثمرة، بأنه كان لعنة بالنسبة لكبار المؤلفين ونعمة بالنسبة لصغارهم، وذلك لأنه كان يشارك دوماً في التأليف. وينافس في العمل. فهل لازلت تصر أن الماغوط من كبار المؤلفين؟
ضحك وقال: طبعاً الماغوط من كبار المؤلفين. وربما أكون لعنة عليه. لكن يجب أن توجهي السؤال للماغوط وليس لي. لأن “برناردشو” حين قال ذلك، قاله كمؤلف .
طلبت رقم هاتف الماغوط منه، ووعدته أن أسأل الماغوط، إن التقيتُ به .وكنتُ واثقة أني سأفعل ذلك .
يتبع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى