خليل الجيزاوي | القاهرة
عندما قرر عبد العزيز بن الوزير الجروي قائد الجند، المنقلب على والي مصر (السرّي بن الحكم بن يوسف البلخي)، الهجوم على الفسطاط وحرقها، خرج المصريون للدفاع عن الفسطاط يتقدمهم الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه ومعه كل تلاميذه من جامع عمرو بن العاص، وخطب الشافعي في أهل الفسطاط قائلا:
(يا أهل الفسطاط جئتكم طالبا الاستزادة فى العلم فزدتمونى، طالبا للأمان فأكرمتمونى، كنتم خير أهل لي ولأهل دارى، وها أنا بينكم اليوم ما يسوؤكم يسؤنى، هذه أرض مصر أرض العزة والخير، لكم ولمصر دين في عنقي، سنحمى الفسطاط بكل ما أتانا الله من قوة، وستظل محروسة بإذن الله، اللهم احمِ مصر وأهلها، اللهم احفظ دينها وأرضها، اللهم اجعلنا سببا لهذا وانصرنا على القوم الظالمين).
وخرج أهل الفسطاط يرددون في صوت واحد وراء الشافعي:
يا فسطاط نور على نور ..
إحنا الدرع وإحنا السور
فانسحب عبد العزيز بن الوزير الجروي مع جنده، وذهب لمحاصرة الإسكندرية إلا أنه أصيب بضربة منجنيق ومات سنة 205 هجرية الموافق سنة 820 ميلادية.
وقد مات السرّي بالفسطاط بعد وفاة الجروي بثلاثة أشهر يوم السبت في جمادي الآخرة سنة 205 هجرية الموافق نوفمبر 820 ميلادية فكانت ولايته على مصر ثلاث سنوات وتسعة أشهر وثمانية عشر يوما.
…………..
هذه هي مصر مقبرة الغزاة، ما قصدها غاصب أو محتل إلا وقصم الله ظهره، ومصر محروسة بقول الله عز وجل:
ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين
ودعاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما أوصى أصحابه قائلا:
إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا من أهلها جند كثير، لأنهم خير أجناد الأرض، وهم وأهلها في رباط إلى يوم الدين.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم