من زهر وجدي جنتك في المزّة

طاهر مهدي الهاشمي | العراق

على هامش الندوة النقدية التي أقامها المركز الثقافي في المزّة حول مجموعة الشاعرة وليدة عنتابي (من زهر وجدي جنّتك) الأربعاء 10/6/2015 كلّ الشكر والتقدير للناقدين الأستاذ عماد فياض والأستاذة فاتن دعبول .


لم تكن الندوة النقدية التي دارت حول مجموعة الشاعرة وليدة عنتابي ( من زهر وجدي جنّتك) سوى أضمومة من انطباعات شخصية تقوم على رؤية أحادية الجانب تتوسّل العمق في السبر والتحليق فيما وراء الأفق الذي يمتدّ إلى ما لا نهاية في استشرافه الإشراقيّ لدى الشاعرة وليدة عنتابي تلك الروح الشاعرة المتلظّية بشواظ عصرٍ فقد منطقه وتخلّى عن قيمه وآل إلى تسطّحٍ وافتقارٍ خيّم فيه الخواء , وعسكرالتصحّر , فبات أدنى إلى غيابه من صحوته .
أبدأ بمطالعة الأستاذة فاتن دعبول التي ولجت تلك الجنّة المغسولة بدموع أوجاع ٍ أمطرها الذي صار بعد أن ولّى الذي كان إلى غير رجعة .
فهي في قراءتها الانطباعية لهذه المجموعة تتوسّم جمالاً وتتسّم عطراً لتنثّه علينا من خلال الصور والمشاعر الوجدانية التي أحكمت لحمتها موسيقا التفعيلة النابضة بما يركن حيناً ويحلّق أحياناً, من إيقاع مترف ثمل في خصوصية بالغة الحساسية , وسأشير إلى أنّ الأستاذة فاتن دعبول تعمل في مجال الصحافة وتمارس مهام نقدية تكلّف بها لتقوم بما تمليه عليها ذائقتها الأنثوية الراقية للأدب بأنواعه .
في حين أنّ الأستاذ عماد فياض وهو شاعر يعمل في سلك التدريس بدأ مطالعته لمجموعة الشاعرة وليدة عنتابي (من زهر وجدي جنّتك) من بوابة الوجع كما سمّاه (وجع الذات) الّذي تلمّسه بحسّه المرهف وذائقته الشعرية التي وقف انسداد الأفق فيها كما تراءى له مانعاً من أن يدلف إلى إلى أجوائها الزاخمة باحتمالات وتعددات مداليلها الواعدة بآفاق تنفتح باستمرار على فضاءات لا متناهية من التحليل والتأويل , فهي في صرختها الإنسانية المتردد صداها تشقّ
جدران الصّمت وتنطلق محمولة على أجنحة اللحظة في عودها الأبديّ , إنها ليست وليدة زمن ما في مكان ما بل هي بنت كلّ الأزمنة و وليدة كلّ الأمكنة . إنها من نافورة ولعها بالمغايروالطريف تضيف إلى المنسوب الشعريّ ما يرفد ويجدّد , بعيداً عن الركود و التأسّن .
في لغة الشاعرة كما وصفها كلّ من الأستاذين عماد فياض وفاتن دعبول المطّلعين من خلال قراءتيهما الانطباعيتين لمجموعتها نتلمّس تلك الخصوصية التي تتماهى بكل ما سبق وتستشرف كلّ ماهو آت في توليفة نادرة لتهيب بنا أن هذا هو الشعر , ذلك الذي يومض في السريرة وتلتقطه البصيرة لتريقه على سفر التجلّي سطوراً ضوئية لسيرة الحياة والإبداع .
لم تكن المداخلات التي دارت بُعَيْد الندوة لتمسّ الجوهر بقدر ما كانت محاورات وتساؤلات حول الشعر القديم والحديث
ومدى فاعلية الحفظ بأشكاله في بلورة العملية الإبداعية وتطويرها , بل كانت آراء عامة , وثمة تساؤل طرحه البعض : أين إدلب الخضراء في هذه المجموعة , كون الشاعرة ابنة إدلب , فكان الجواب من الحضور بأنّ الشاعرة جسّدت مدينتها من خلال الصور والمعاني والأفكار وليس من الضرورة أن يرد اسم المدينة بشكل مباشر كما أوردت الشاعرة نصّاً يتناول أحد المشاهد الطبيعية للمدينة فقالت :
( ذات صُبْحْ
رفّت الغيماتُ سِرْباً من أزاهير وقمحْ
وتمشّى شجر الزيتون مختالاإ على
أطراف حقلْ
والعصافير التي من وجدها
صارت دراويشاً تهلّْ…) .
أكرر الشكر للناقدين وللشاعرة ولأسرة المركز الثقافي العربي في المزّة متوخيّاً فضاءات أوسع لرؤى نقدية تالية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى