سياسة

أين يتوجب على الفلسطينيين البحث عن العدالة؟

سعيد مضيه | فلسطين

تجيب الكاتبة، الصحفية نيمري عزيز أن أبواب العدالة مقفلة في كل من إسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة، وتسوق الوقائع . الصحفية نيمري عزيز، باحثة في الانثروبولوجيا، تقارب الواقع الفلسطيني بلهجة من سدت بوجهه الدروب، وذلك في مقالة نشرتها بالعاشر من آذار الجاري؛ لكنها لا تشير الى العمق الاستراتيجي الشعبي العربي والحركة العالمية المناهضة للامبريالية كملاذ يتوجه اليه النضال الفلسطيني ويمد له أيدي التعاون والعمل المشترك.
كتبت نيمري عزيز: مستشفى في لندن يزيل لوحات فنية لأطفال فلسطينيين لأنها تزعج بعض المرضى. بينما ، وعلى ما يبدو باتصال مع هذا ، بعيدا بالضفة الغربية وقطاع غزة يجري”إزالة” نساء ورجال واطفال من اماكن سكنهم من خلال عملية يومية للتطهير مع إبادة العرق .
هكذا فأحزان الشعب الفلسطيني كثيرة، ولا تتوقف الهجمات على أجسادهم وعلى أصواتهم وعلى أراضيهم- وعلى فكرة فلسطين بالذات- لدرجة إن أي سجل أو تفسير لعمليات الشطب هذه تغمرها الهجمات الأخيرة.
العقوبات الاقتصادية المدمرة على سكان غزة تتم على قدم وساق منذ سنوات؛ وببساطة، الحياة بالمنطقة عبء؛ الاحتلال العسكري لكامل الضفة الغربية لن يخف؛ تدخل القوات الإسرائيلية، حسب مشيئتها ، في غارة، تهديد، اعتقال ،غزو، نهب، قتل او التسبب بإصابات. ان قتل 64 فلسطينيا على أيديى القوات الإسرائيلية خلال اول شهرين لهذا العام قد مرت “أعمالا روتينية”، لدرجة ان الوكالات الخارجية ، ناهيك عن السياسيين ومسئولي حقوق الإنسان ، او منافذ الأخبار – نادرا ما تعيرها الانتباه.لا يهم ان كان المستهدفون بالقتل اطفالا ، يقذفون الحجارة، او مكافحين مسلحين او ان كانوا بالصدفة واقفين في اماكنهم.أحد الحوادث الكثيرة كان مقتل خمسة أفراد في السادس من شهر شباط . ولم تحفل بعض منافذ الميديا العالمية بأخبار القتل إلا بعد أن صرع الاحتلال احد عشر فلسطينيا يوم 22 شباط. ام ربما ان موت إسرائيليين اثنين في ذلك اليوم هو الذي تكفل بجلب الانتباه الخارجي؟ العدوان اليومي من قبل المستوطنين على ممتلكلات الفلسطينيين، تدمير محاصيلهم، سرقة مياههم امور غدت دارجة يستحيل تلافيها شان الهجوم ضد أفراد فلسطينيين. ونفس الأمر قيام سلطات الاحتلال بهدم بيوت الفلسطينيين- رد الفعل بمعزل عن القانون لاشتباه ان يكون سكان البيت قد هاجموا إسرائيليا من المستوطنين اليهود بالضفة – حقا دوما يتمتعون بحماية الجيش-، يسكنون بالضفة الغربية ويعدون حاليا اكثر من خمسمائة شخص، ينظمون هجمات على القرى المجاورة ، وعددهم بازدياد لهدف مضمر.
للفلسطينيين، الذي لا يحظون بقيادة حيوية، سبيل اوحد للجواب على هذه التعديات والخسارات والقتل – إنهم يحتجون. سواء بالحجارة او الصياح او بالسلاح، وتصرفاتهم تبدو غير قابلة للكبح ، مثل التمدد الاستيطاني. موت اي إسرائيلي يفضي الى إرهاب انتقامي، إما على أيدي وحدته العسكرية أو على أيدي المستوطنين المسلحين، ينجم عن ذلك عملا عسكريا عنيفا لا مفر منه. مسلسل العنف في الشهر الماضي بلغ ذروته بهجوم حاشد شنه المستوطنون طوال ساعات على قرية حوارة ، قرب مدينة نابلس. لم يكن ذلك الهجوم أقل من عملية “تطهير” . صور البلدة الفلسطينية المحترقة تستحضر مجزرة عنصر التولسا في اوكلاهوما قبل 102 عاما خلت .
بالكاد امكن لتغطية حريق حوارة الإخبارية ان تحرف الأنظار قليلا عن حرب اكرانيا . والخسائر الفلسطينية غطت عليها الاحتجاجات الحاشدة في تل أبيب، شارك فيها إسرائيليون خائفون على ديمقراطيتهم أن يقوضها الإصلاح القضائي إذا ما تم تنفيذه.
في هذه الأثناء تنطلق على الصعيد الثقافي بدون عرقلة الهجمات على الهوية الفلسطينية؛ لكي نبين بعض الأمثلة القريبة لدينا رفض تعيين كينيت روث، العلّامة الأميركي في حقوق الإنسان بمركز كار التابع لجامعة هارفارد بسبب تعليقاته ضد إسرائيل. لم يتم الرجوع عن قرار جامعة هارفارد إلا بعد حملة ضخمة مؤيدة لروث؛ لم يكن هذا النجاح من حظ أستاذ القانون، جيمز كالفارو، الذي تم إلغاء تعيينه من قبل إدارة بايدن في الشهر الماضي رئيسا للجنة حقوق الإنسان. وهو نفس الشهر الذي استقالت فيه ساره مارغون، مديرة مركز واشنطون لمنظمة هيومان رايتس ووتش، بعد تكرار تاخير تعيينها بوزارة الخارجية بسبب تصويتها لصالح مقاطعة منتجات المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة. استكمل الشهر بتحد غير ناجح لمناهضة حركة مقاطعة وعزل إسرائيل بالولايات المتحدة . رفضت المحكمة العليا الاستماع الى استئناف من ولاية أركنساس، ما يعني الإبقاء على القانون سيئ السمعة، المضاد لحملة المقاطعة. ربما تقدم ولاية اركنساس مع 34 ولاية غيرها على ان تحجب التمويل الحكومي او التعيينات عن أي شركة أميركية او مؤسسة تؤيد مقاطعة السلع الإسرائيلية.
تلك الوقائع من بين أفظع لتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني ، لم يجتذب اهتمام المواطن الأميركي سوى القليل منها .
ماذا نتوقع إزاء هذا الإجحاف لمعرض شديد الحيوية لفنون اطفال غزة في مستشفى لندن؟ في الشهر الماضي أعلن مستشفي”ذا تشيلزيا اند ويستمينيستر” انه سوف يلغي عرضا لأطفال غزة تقرر إقامته في لوبي المستشفى. عم السرور لقرار المستشفى مجموعة محامين إسرائيليين رافعوا ضد المعرض نيابة عن مرضى يهود يزعجهم المعرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى