سرديات وذات.. مَوْلِدُ النورِ
فاطمة محمود سعد الله | تونس
دَعْني أُسْرِجِ الحَرْفَ عُودَ عَنْبَرٍ يحْتَرقُ بخُورًا في مِحْرابِ الطُّهْرِ..يخْتَرِقُ أنْفَ الطّينِ شذاهُ..تتشبّعُ بهْجةُ مسامّه انتعاشًا
تفْركُ الترْبةُ عيْنيْها المثْقَلتيْن بحلْمٍ زئبقيِّ الرّموشِ.يسْري
نَمْلُ الصباحِ في أوْردَتِها يدْعوها إلى اسْتِشْرافِ الضّياء..
تَسْتفيقُ التُّرْبةُ الحبْلى مِنْ إغْماءةِ الغِيابِ..تنْفُضُ غُبَارَ السّنينِ
العِجافِ..تتشَقَّقُ قَوْقَعَةُ الصّمْتِ ومنْها تنْبَجِسُ اثْنتا عشْرَةَ كلمةً تُسبّحُ بِعظمةِ النورِ.”اللهُ نورُ السَّماواتِ والأرْضِ”.
ولمّا أتمّتْهُنّ،أطلّتْ من قاعِ الذاكرةِ المعطّلةِ زهْرةُ البنفْسجِ تختالُ في حلّتها العرائسيّة تدْرُجُ على بساطِ الدلالِ
وذاك القلْبُ الذّهبيّ يسْبحُ في حوْضٍ بَتَلاتِها الشفّافة .
أغُوصُ أنا بيْنَ مَوْجٍ وشذا…..
وعلى أطْرافِ الحُروفِ،تُوقَدُ أيْقونةُ الحقّ نورًا يتوالدُ مَنْ نورٍ..حُبورًا يتناسَلُ منْ حُبور..قناديلَ تهْدِي التيهَ إلى هالةِ
الضّياء …تمْنحُ الفجْرَشريعةَ البياضِ..تعْزفُ سيمفونيّةَ الفَرحِ
في حُنْجُرةِ الًصّباحِ..تضخُّ العُشْبَ بماءِ الاخضِرارِ وترْسُمُ
اللّحْظةُ الصادمةَ على جبينِ الأفُقِ..تولَدُ اليمامةُ البِكْرُ مختومةً بالإصرار والانعِتاقِ..منقارُها القرْمزيّ يخطُّ المسارَ
و…يظلّ الليْلُ هناكَ..يبْحثُ عنْ جلْبابهِ الداكنِ ويسعى دون جدْوى ليَفْردَ جناحيْهِ القاتِميْن ويسُدَّ إشْراقَةَ الطريقِ ،لعلّه يحوّلُ وِجْهَةَ القصيدةِ.
القصيدةُ مكْتظّةٌ بالعصْيانِ والضياء.
عندما ترقُصُ ،تدقّ قدميْها على سطْحِ القمرِ.وإذا داعب جُفونَها الكرى تخْتارُ الشمْسَ حِضْناً /وهَجًا..قدْ تحترقُ..
قدْ تضيء ..
على مشارفِ الخريفِ أقِفُ أنا..أهُشُّ بعصايَ غِرْبانَ
الزّيْفِ والخنوعِ..أرْسُمُ ابتسامةَ الرّواءِ على شفاهِ سنْبُلةٍ غيْداء
على جيدِها أعلّقُ عِقْدَ الكلماتِ..شُموسًا لا تعرفُ الأفولَ..غيْمةً مزْدحمةً بِتباشيرِ النّماء.