تجاعيد الماء (53).. حرفان
سوسن صالحة أحمد | سورية – كندا
يا لحرفان يحملان كل سعادة العالم أو كل شقائه! ، هما الوصفة السحرية لكل داء.
منذ مايقرب هذا الزمان فارقت فراشك، وقررت أن لا أعود حتى تعود، في تلك الليلة التي تشبه كل الليالي إلا ليالٍ لم أعشها بعد، صرختُ من ألمٍ أيقظني كما كان توقظني هواجسي، يوقظني وجعي فيك ومنك حتى فارقت فراشك.
أيقظتني تلك الآه أشتكي ألما في جسدي، أنستني آلام روحي لحظات، فتحت عيني مثقلتين بالوجع وحزن العمر، لم أجد حولي سوى الصمت ودقات ساعة الحائط أشعرها تدق في رأسي وكل مسام جسدي، وبقايا من ليل لم ينته بعد، هذا ليل سينتهي، لكن ليل قسوتك لا بادرة تنبئ بفجره.
غرفة باردة، فارغة إلا من أنفاسي و أثاثها، خطر لي لحظة صرخت آهي، لو كان بجانبي لسمعني، ولربما امتدت يديه تعانق آلامي، تمسح بحنو على ندى جبيني، ولجاء صوته بكلمات لها فعل أنجع البلاسم، حتى لأقول حينها: أنا أكثر من
شُفيت!.
أخذتني أحلامي من الألم برهات لتعيدني نوبة أخرى منه إلى وعيي، هي المرارة التي تصيب أغلب النساء ولا تنتهي نوبات وجعها إلا باستئصالها حتى تتمنى إحداهن أن تكون لها أكثر من مرارة تحتمل كونها أنثى.
انتبهت مع النوبة الجديدة أني أحلم كحالي دوماً، مشكلة الأحلام أنها لا تنتهي ولا تموت، مازلت أحلم بالفراغ، أرض مكعبة تدور، عالم لا تحكمه قوانين، لا جاذبية للأشياء، بل سباحة من غير زعانف في الهواء، وطيران بلا أجنحة.
مازلت أحلم بالمستحيل، يحسن إيجاد المستحيل، بأرض الفضيلة وغيوم تمطر صرف حب، بنهاية اللانهاية، وبداية الزمن الآخر المغاير لكل مايعني القسوة، مازلت أحلم بسمكة ذهبية وشرائط زرقاء لضفائري، بالأحلام تتحقق.
انتبهت أني أنا أنا، وأنت أنت.
تذكرت كم من آه قبل مفارقتي فراشك أيام كان يغريني الأمل، يعزيني التمني، ويصبرني واقع وُجِدْتُ فيه كما يوجد أي شيء في أي مكان.
تذكرت أنك أنت، أني أنا. .
أنت الصلد حد الألم والآه، وأنا الغارقة في الحلم حد الجنون
تذكرت كم من آه صرختُها وكنتَ بجانبي وماكنتَ معي، ما عدتُ أتألم من المرارة و نوبتها، أنا أتألم الآن من طول صبري.