بلا عنوان
شاهر الشرفات / الأردن
…. وبعد عناء وصل محطته الأخيرة التي ما اطمأن لها قط، فلم يعد المكان هو المكان، و لا حتى الزمان .
في ذلك اليوم، كان الصباح معزولا، و مقطوعا عن تيار الزمن، لقد وقف عاريا في الوسط لم يعرف وجهته بعد، كانت رجلاه ثقيلتين، و نفسه مثقلة بالكراهية، و الأكتئاب، و أعماقه مليئة بالأشباح، سار بخطى واهنة حتى وجد نفسه هناك …. أين تسكن ؟ ماذا تعمل ؟ … وما مجالك ؟ .. ما جمع أخطبوط ؟ …؟ ….. ؟.. مدرارا من الأسئلة في أبجديات اللغة كفيلة بأن تخرجك عن صمتك ، …
– يا سيدي، الموقف مختلف تماما، نحن بحاجة إلى العلاج، و لسنا في سوق شعر، أو فلسفة، أو أدب !
– يا سيدي، أنا متعب حد الألم، ولم يكن بوسعي سماع شيء .
بدت ملامح الغضب على وجهه، ثم جلس على مكتبه، و كتب توصياته، وأمر بالأنصراف .
غادروا المكان دون أن يلوون على شيء ……. و هناك في المكان المقابل، يكاد الوسط يغرق في الإنسانية المفرطة، يا أخية : عندما وقفت على بابكم لم يكن أحد متواجدا ..
هنا الأطفال صائمون، و صراخهم على التناوب يزيد من وتيرة الغضب، و فقدان التوازن، و كلما تنحدر الشمس إلى خدرها، تنحدر الإنسانية إلى مستنقعها …. قالت : هنا الدور للفئات العمرية تصاعديا … و لكن الباب المحاذي (لترسانتك) دخوله تنازليا … تتعالى الأصوات إذن كيف دخل هذا ؟ … و كيف خرج ذاك ؟
خرجوا مع الأصيل محطمين بفعل الانتظار دون جدوى، المكان يخلو من البشر جميعا، إلا أشتاتا من القطع الآدمية هنا وهناك، المكان أشبه ما يكون بالأطلال، و لا ينقصه إلا الوقوف، و البكاء … حينها يتذكر غربة السياب، و مراقبته للقلوع بين احتقارات العيون . وكيف امتصت الغربة وجهه الشاحب بكل ما فيه من شوق وفرح لوطنه العراق ؟!
في تلك اللحظة، كاد الصمت أن يبتلع روحه حد القاع، و لا بد من الاسترخاء، و لو لبضع دقائق بعد الهزائم المتلاحقة؛ لتشعر النفس بالحزن اللذيذ، و الموت المشتهى، و الحرمان الذي يمتص الحياة امتصاصا خارقا .
لم يكن يعلم أن الحياة يمكن أن تقسو عليه إلى هذا الحد، و إنها ستزرع في أعماقه حزنا لا يمحوه إلا الموت، و مع ذلك يحاول أن يكثف وجوده في نقطة واحدة في مواجهة ما يمكن أن يحدث على الرغم من عودته ونصه بلا عنوااااااان ؛؛؛؛؛؛؛ ….
خديجة …
المسترخية على أنغام الصبر الأبدي .
بقلمي 8/3/2017