رحلة إلى الجنوب اللبناني قامت بها : وفاء كمال (12)

سحمر قاع الدم الأول ( 12 )
مع اللحظات الأولى لتبلج الصباح كانت زوبا تقرأ الرسالة بصمت وتلهث لدى كل سطر . حيث تتصور نفسها وهي تقوم بالمهمة المطلوبة منها ،وهي إيصال السلة التي تحتوي قطع غيار للأسلحة وقنابل يدوية, وشامبو للقمل , ومراهم , .وأنبولة لسحب الدم من كرّار ..وتقرأ متمتمة: استعيني بحمار جاركم، واطلبي من سراب أن تساعدك بالمهمة.

ضعي كومة من الأعشاب البرية فوق السلة ..ولو لاحظتما تحليق مروحيات لاتكترثا …بل تظاهرا أنكما تقطفان الأعشاب البرية , ولوهبط الطيران اكثر ,فذاك أمر طبيعي يقوم به الطيران المعادي يومياً ..لكنه لايتجرأ أن يهبط في وادي النهر ..لأنه يتوقع أنه معقل ومخبأ لمقاتلين شرسين ..وبإمكانكما أن تمدا فراشاً على الأرض وتتظاهرا بأنكما تتناولان الطعام . معكما يومان لتنفيذ المهمة لأننا سنغير المكان بعد ان ينفِّذ فراس إحدى عملياته .
كان ياسر مازال يجِدُّ السير بين الصخور, ويتسلل بين الأشجار متوجهاً نحو صديق له في شمال القرية إنه ثائر يتحدث عنه دوماً ولاأحد يعرفه حتى تاهت الأمور على الجميع هل ثائر هو لقب شخص آخر أم هو ياسر . كان يشعر وكأنه علامة بارزة في كون عجيب ..تخيل الأسماك قي أعماق النهر تخاطبه , والطيور في بطون الأشجار تناجيه.حتى الزواحف تغبطه على بطولاته. .
.لم يصل إلى المنزل المنشود إلا وصوت أبو عزيزة يتلو القرآن وهو ينقع (الترمس) الذي اشترته ابنته من سوريا في النهر ..كان أبو عزيزة يعرف المقاتلين فرداً فرداً ..ويغضُّ الطرف عنهم .وكثيراً ماتمنى لو يمدهم بالزاد . لكن كان يعرف أن عاقبة ذلك وخيمة على الطرفين فيكتفي بالصمت والتجاهل .
وما أن نشرت الشمس نورها الإلهي على الملأ حتى كانت زوبا بصحبة سراب تنسقان للقيام بالمهمة مساءً عندما تكتسي الشمس ثوبها الأحمر تمهيداً لاستقبال العتمة والليل والحكايا والأسرار. كانت كل من سراب وزوبا تنتظران بقلق ظهور خطوط الشفق الأحمر. وقد تجلت مشاعر الحب والرومانسية وبدا حنين سراب للأمين واضحاً ..وانعكس سحراً في عينيها الواسعتين ووجنتيها اللتين ازدادتا احمراراً. وعزيمتها على القيام بالعملية لتثبت للأمين أنها ليست طفلة كما يتصورها. وأنها تستطيع أن تفعل مايفعله المقاومون . وأنها لاتنخدع بكلام جارتها نورهان . ولكي توضح له أنها كانت مترددة خوفاً عليه. وأنها لن تقف في وجهه الآن بعد أن كان خياره للمقاومة خياراً حقيقياً لالبس فيه .
يتبع ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى