غاب وجاب.. حكاية شعبية يرويها: جميل السلحوت
يحكى أن شابين من جنوب فلسطين أحدهما كان ابن شيخ قبيلة، والآخر ابن شخص عادي قد سافرا للعمل في مدينة عمَّان، وأخبرا عائلتيهما بأنهما لن يعودا إلا بعد مرور ستة أشهر، وذلك حتى يتمكنا من جمع مبلغ من المال، وأثناء توديع عائلتيهما لهما قال شيخ القبيلة لابنه بأن يجِدَّ في عمله حتى يتمكن من تحصيل أجرة أكثر من زميله، وأنه واثق من ذلك لأن ابنه من عائلة ” أفضل ” من عائلة زميله..
فقال له زميل ابنه عندما نعود سنرى من الأفضل؟ وفي اليوم الأول لوصولهما عمّان جاء شخص ثري يبحث عن عمال، حيث إنه بحاجة إلى عامل لمدة يوم واحد، والتقى بابن شيخ القبيلة فطلب منه ابن الشيخ دينارا أجرة يومه، ولما كان أجر العامل في ذلك الوقت لا يتعدى ربع دينار، فقد استغرب صاحب العمل هذا الطلب، لكنه وافق عليه مكرها، لأنه لا يوجد عنده عمل إلا ليوم واحد، ويريد أن ينهي هذا العمل بسرعة.
وفي نهاية اليوم قبض ابن شيخ القبيلة دينارا، وأقسم في نفسه لأنه لن يعمل إلا بأجرة مقدارها دينار لليوم الواحد. وهكذا أمضى بقية أيامه بلا عمل، لأن أحدا لم يوافق بأن يعطيه دينارا كأجرة لليوم الواحد، أمّا زميله فقد عمل بأجرة يومية مقدارها ربع دينار، ولم يتعطّل ولو يوما واحدا، وفي تلك الأثناء كان زميله ابن الشيخ يسخر منه لأنه يعمل بأجر بسيط، وبعد انتهاء مدة الستة شهور، عادا إلى عائلتيهما واستقبلهما الناس، وكان على رأس المستقبلين والداهما، فقال شيخ القبيلة :” حيّا الله بالرجال يوم عادوا ” وقال والد الشخص الآخر: ” حيّا الله بالرجال يوم تغيب وتجيب ” وبعدها أخذ كل واحد يقص قصة عمله، فقال ابن الشيخ – مفاخرا – بأنه عمل بعشرة دنانير لليوم الواحد، في حين أن زميله عمل بربع دينار، وكان والده فخورا بهذا، غير أن زميله سأله: وكم دينارا أحضرت لوالدك؟ فأجابه: في الواقع إنني صرفت خمسين دينارا كنت قد حملتها معي من هنا، فرد عليه زميله: ” أما أنا فقد أحضرت مائة دينار عدا عن مصروفي. وعندها بهت شيخ القبيلة والحضور.