تعاضُد (قصة قصيرة)
عمر حمّش | فلسطين
جارنا عبد الوهاب ساءته أحوال الأرامل، واليتامى، فأقسم أن يمدّ يد العون لكلّ محتاجٍ، وأن يغيظ ذاك العقيد المتكبّر، الذي يمرّ رافعا أنفه، ويأنف حتى عن طرح السلام.
نشر عبد الوهاب مناشدة أدمت قلوب البعض ممن خلف الحدود، وما هي إلا أسابيع؛ حتى وصلت كفه دفعة مال محترمة، فترقرقت عينا عبد الوهاب للشيك القادم، وطرب قلبه لنجاح سعيّه .. فكّر في أيّ قلوب من الجيران يُسعد، ومن بعد طول تفكير؛ قرر أن يبدأ بإغاظة العقيد المتكبر، فاشترى عربة جيب بيضاء تلمع في الشمس، وصار يروح بها ،ويجيء عن باب العقيد .. والعقيد يتأمله، ويفكر.
بعد أيام قليلة وصل الشيك الثاني، فقلّبه طويلا، وقال: ليست ابنة العقيد بأفضل من ابنتي، فاشترى لها” كايا ” وصارت ابنته تمر عن باب العقيد، والعقيد يتأملها، ويفكّر.
مع وصول الشيك الثالث صاح عبد الوهاب للرقم الآتي، وقال: الآن سأبني فيلا أجمل من فيلا العقيد، فلم يكن يوما ذاك المتغطرس حامل الابتدائية أذكى مني.
وعلى الفور استقدم أمهر البنائين، وشرعوا بهدم بيته، لينشئوا بناية أجمل بكثير من بناية العقيد .. وكان عبد الوهاب يقف ويشير على العاملين، وجاره العقيد يتأمله ويفكّر..
وظلت الشيكات تأتي عبد الوهاب، وعبد الوهاب ينتفخ، ويرفع أنفه؛ ليعلو عن أنف العقيد، والعقيد على باب فيلته؛ ينفخ دخان نارجيلته، ويتأمل عبد الوهاب، ويفكّر.