أنقاب(أنفاق) لها تاريخ
د. طارق حامد | أكاديمي مصري
استعصي علي جيش المسلمين بقيادة مسلمة بن عبد الملك فتح حصن من الحصون في بلاد الروم أظن في فلسطين فقام مسلمة قائلا هل من رجل من الجيش ينقب لنا نقبا في هذا الحصن لكي يفتح الله به علينا فتقدم رجل من الجيش دون علم أحد فظل يحفر نقبا في هذا الحصن وخاطر بحياته حتي تم له ذلك ثم هاجم المسلمون الحصن في الصباح فنفذ هذا الرجل من النقب وفتح باب الحصن ففتح الله علي المسلمين بهذا الحصن بفضل إخلاص هذا الجندي و شجاعته و تضحيته العظيمة.
ثم نادي مسلمة بعد ذلك وعزم علي هذا الرجل وسماه صاحب النقب أن يأتيه في أي وقت كان، فجاءه رجل ملثم فقال أنا أخبركم من هو صاحب النقب بشرط ألا ترسلوا باسمه للخليفة في صحيفة ولا تخبروا به أحدا ولا تعطوا له عطية أو مكافأة جزاء عمله فقال مسلمة لك ذلك فقال الرجل علي استحياء وتواضع منه: أنا صاحب النقب ثم ولي ولم يعرفه أو يره أحد بعد ذلك، فكان مسلمة بن عبد الملك بعد ذلك يدعو: اللهم احشرني مع صاحب النقب.
أنفاق غزة التي استخدمها المجاهدون في فلسطين أثناء العدوان عليها من قبل الكيان الصهيوني في أكثر من مرة و كانت سبباً في انتصار المقاومة الفلسطينية بعد الإيمان بالله عز وجل ثم الإعداد الجيد للمقاومة من سلاح وتجهيز المجاهدين وعتاد وغيره وكان المجاهدون يتحركون من خلال الأنفاق بعيد عن أجهزة رصد العدو فكان النصر حليفهم وأرغموا أنف العدو وكسروا صلفه وغروره في كل مرة .
واليوم استطاع ستة من الأسري المجاهدين الفلسطينيين أن يحفروا نفقا من داخل سجن الجلبوع شديد الحراسة وقاموا بهذا الأمر بأدوات بدائية بسيطة مثل ملاعق الطعام وتكاتفت جهودهم مع اليقين في موعود الله وتوفيقه استطاعوا أن يقضوا علي اليأس واستطاعوا أن يفندوا قصة العدو الذي يمتلك أفضل آلة عسكرية في المنطقة مدعوما باللوبي الصهيوني في أمريكا وكذلك فندوا أسطورة أذكي جهاز استخباراتي في العالم وأفضل تقنية تجسس ومراقبة والتجهيزات المشددة والمحكمة التي تحظي بها السجون الإسرائيلية
وهكذا الإيمان واليقين واستخدام الأدوات المتاحة لدي هؤلاء الستة نفر كلل الله جهودهم بالفرار من معتقلات الصهاينة شديدة الحراسة وهكذا المسلمون في حفر الخندق في غزوة الأحزاب وإزالة الساتر الترابي وتدمير خط بارليف الذي لا يقهر في حرب رمضان 1393 هجرية السادس من أكتوبر 1973 م
هكذا المسلمون إذا اقترن الإيمان مع اليقين والثقة في موعود الله عز وجل والأخذ بالأسباب المتاحة لهم مع تطويرها إن أمكن فإنهم ساعتها يكونون قوة لا تقهر ولا يقف أمامها عائق أيا كانت قوته ومنعته والتاريخ شاهد و هو خير دليل .