كُفيتُ فما أذوقُ سوى فُراتٍ
الشاعرة والناقدة ثناء حاج صالح / ألمانيا
إذا حَلَّ الرِّضا فَدَعِ العِتابا
ورُدَّ عليكَ من جفنيكَ بابا
أَقِمْ عُمُراً بأرضِ هواكَ سِرَّاً
ولا تًخبرْ مُراباً ما أرابا
فكم من عابرٍ أمسى مقيماً
ومن ناديتَ حِبَّاً ما أجابا
وذو نابٍ يهاديكَ ابتساما
يَسُنُّ بعظمِكَ المكسورِ نابا
بِهمْ فرَحي ذوي الإحسانِ مَدُّوا
بِكُلِّ يَـدٍ مُصافِحَةٍ ثوابا
ألا من مُبلِغُ الأترابَ عنا
بِأنَّ العِشقَ ذارينا ترابا
وأنَّ لِقاهرِ المعنى ذكاءً
إذا ما خَافَه سَمْعٌ تَغابى
وكيفَ بِنَظْرةٍ هَتكَتْ جُفوناً
فطابَ السهدُ والتحنانُ طابا
زماني لم أعدْ أحصيه يوماً
ولا السلوانُ عن ذكراي نابا
بلِ الوطنُ الذي قَطَعوه مني
أقاربَ كان أو أهلاً صِحابا
يُحيلُ إليَّ أسئلة أعيها
وإن أعيتْ مُجاوبتي جوابا
ومن يقرأْ بتلك العينِ سطرا
فما عجبٌ إذا فَهِم الكتابا
مدائنُ لم أغادرْها امتهاناً
وهِيْ وطنٌ أشرِّفه انتسابا
فيا ماءَ الفراتِ ولستَ عَذْباً
ويا شجرَ العراقِ ولستَ غابا
كُفيتُ فما أذوقُ سوى فُراتٍ
ولو في الأرض يَمْمَتُ السَّرابا
وسِرتُ وما أسير سوى بظلٍّ
من اليَخْضورِ يغْمُرُني سَحابا
ولو حَلَبٌ تؤوبُ لبعضِ عَهدٍ
وقد عاهدتُ في حلبٍ قبابا
أؤوب بسلَّةِ المعنى المعنَّى
وبي سَكَر من الأعنابِ آبا