مغامرة
نور الهدى شعبان | سوريا
أتسلق شبابيك المستحيل وأمضي، أهمس في أذن الحب الممنوع قليلا، لم تعرف الغيوم بعد كيف تقتات كلماتي من شهد الحب المزنَّر بالنار، قلت لمظلات الحلم النازفة من وجع الوقت،
حين يجعلني طفلة مدللة
تراه فارس الحلم البعيد
يحارب النجوم حين كنت كوكبا منه انفصل،
وحاجز الحب بين كفيه انكسر
يقول: لاتتركيني قد تهجرني أيامي وحيدا في زحل
لا تتركيني قد هجرتني أصنامي ومحرابي انكسر
فلا الآه أقدسه إلا حنينك الذي يجتاحني كالمطر،
لا تحرميني هديل الحمام
اشتقت لزمن أنت فيه الأميرة وأنا من العبيد
فقالت: أما كنت يمامة ذبحوني ليلة عيد
كيف يكون العيد حل لاسكات هديل الحمام
ماكان لي زمن ولا كنت بسلطانة أريد،
ولا يوما عشقت أكثر من أسمر المحيا فارس العبيد،
ولاكنت يوما أكثر من بائعة الورود لأطفال العبيد،
ليلة أحرقو بنا ذاك العيد
كنت أنظر لمن يبذل دمه لوطن،
يربت بجناحي عصفور عشق التحليق في سماء العصف والمطر
هذا ما أسميته حبا..
ذاك الذي يغتال القلب ويرتكب مجزرته بلا سلاح
ليكون القضية والمعركة والسلاح
فيقول: أو نكون الضحية !؟
أليس الحب بدواء وهو الداء الذي ليس منه شفاء
يجعلنا نضحك بشغب ويبكينا
يملؤنا حبا يتسع لعالم لو تتخيل
ولا يتسع لنا ..!
قال لها: أتعلمين ..؟
لوبقيت أستمع لكلماتك سأقع بحبك ؟
وكأنه إستفسار مبطن ليكتشف نوايا القلب المفضوحة
صمتت قليلا ببعض العبث والمراوغة
وقالت له :لا أظن
وكأنها تحتال في عمقها على معركة
نازلتها دون أن تعلم متى ستسقط صريعة بلا سلاح
فقال: دعيني اقاسمك شفتيك بعضا من قهوتها المنسابة وأحلم على ايقاع رائحتها..
سأصنع من ضجيج الزمن شيئا مختلف يلهو مع بقايا العمر .
فأنت سيدة الوجع وانا سيد الحلم والرغبة..
دعيني أرى انكسار الماء على راحتيك وأمضي نحو أزهار الحقول .
تبعثرت حروفها بحرقة بين واقع وحلم وأسرت بقضبان صمت احمق ..وبعد..
انفكت من حزن بات وجبة مائدتها كالخبز الأسمر كل مساء فأصاب روحها بالنحيل
وسافرت به في عوالم خيالها الغريبة.
وقالت:
تخيل لو اننا في بلادنا المحترقة
وأن أوطاننا المعشوقة حررت من عبث محتل
وبعد معركة غابرة انتصرت الأرض.
إلا أن العطش والعياء أرهق البدن،
فهل هناك انقى من ماء وطن تروي به ظمأك
حيث تستقي طهر ماءه وتشرب حتى ترتوي،
وبعد تعب وكد النضال لم تر سكينة وسلام لمعارك في رأسك دارت إلا أرض الوطن
ترتمي على جدرانه المحفورة بعرق وحب،
وترحل بغفوتك بطمأنينة وسكينة روح..
عذرا الحلم لم يكتمل ..
حصلت المفاجأة قصدا
تستفيق من حلم اخرس
وترى الجدار الذي اسندت حلمك عليه بدأ بالانهيار بفعل محتل غدار،
وتغتال احشاؤك سموم الماء الذي رويت به ظمأك،
ليس لأن الجدار لم يكن ثابتا أو لأن الأرض كانت هشة،
وليس لأن الماء لم يكن أطهر من زمزم وأنقى،
إنما هو تلوث مقصود .. تلوث يعتري ذاك الحلم،
تلوث يسري بداخلك بوجع قاتل إلا أنك تستعذب ألمه بلا مقاومة وتستلذ الموت البطيء لحلم في مغامرة المستحيل وتعلم ان الأسباب اجتمعت لتحترق أرضك و وطنك ،
لقد لوثوك والجدار السند انهدم،
وأنت مؤمن بأن موتك في أرض حلمت بها هو الحقيقة الوحيدة التي تشعرك بالسلام
هذا ما اسميته الحب …!
مؤلم الحلم ياصديقي حين يخط مسيره على شفى سكين من نهاية ليست بمستوى أمنياتنا،
عاد سليط الصمت حائرا بينهما غارقا في مساحات الشرود والخيال والتصوير من ترددات صوتها التي جاءت بنكهة العود الحزين
فاعترض طريق كل ما سبق بكلمات أنهت النزال بسلام
وقال: أتعرفين لو أنني بغير هذا الزمن لكنت أحببتك حقا أيتها الوطن..
فضحكت بطفولة وعبث وغادرت ملوحة بكفيها
وكأنها إشارات بين الأرض والسماء
لتتلاقى الأمنيات بالسلام.